قَالَ: أَرَدْتُ ضَرْبَ غُلَامٍ لِي فَقَالَ: اذْكُرْ لَيْلَةً صَبِيحَتُهَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ عُمَرُ: مَا كَذِبْتُ مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الْكَذِبَ يَضُرُّ أَهْلَهُ.
وَقَالَ رِيَاحُ بْنُ عُبَيْدَةَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشَيْخٌ مُتَوَكِّئٌ عَلَى يَدِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ وَدَخَلَ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، مَنِ الشَّيْخُ الَّذِي كَانَ مُتَوَكِّئًا عَلَى يَدِكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ذَاكَ أَخِي الْخَضِرُ، أَعْلَمَنِي أَنِّي سَأَلِي أَمْرَ الْأُمَّةِ، وَأَنِّي سَأَعْدِلُ فِيهَا.
قَالَ: وَأَتَاهُ أَصْحَابُ مَرَاكِبِ الْخِلَافَةِ يَطْلُبُونَ عَلَفَهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَبِيعَتْ، وَجَعَلَ أَثْمَانَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ: تَكْفِينِي بَغْلَتِي هَذِهِ. قَالَ: وَلَمَّا رَجَعَ مِنْ جِنَازَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ رَآهُ مَوْلًى لَهُ مُغْتَمًّا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَلَا غَرْبِهَا إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُؤَدِّيَ إِلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ. قَالَ: وَلَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَجَوَارِيهِ: إِنَّهُ قَدْ شُغِلَ بِمَا فِي عُنُقِهِ عَنِ النِّسَاءِ، وَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يُقِمْنَ عِنْدَهُ أَوْ يُفَارِقْنَهُ، فَبَكَيْنَ وَاخْتَرْنَ الْمُقَامَ مَعَهُ.
قَالَ: وَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَكَانَتْ أَوَّلَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ صَحِبَنَا فَلْيَصْحَبْنَا بِخَمْسٍ، وَإِلَّا فَلَا يَقْرَبْنَا: يَرْفَعُ إِلَيْنَا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ رَفْعَهَا، وَيُعِينُنَا عَلَى الْخَيْرِ بِجُهْدِهِ، وَيَدُلُّنَا مِنَ الْخَيْرِ عَلَى مَا نَهْتَدِي إِلَيْهِ، وَلَا يَغْتَابَنَّ أَحَدًا، وَلَا يَعْتَرِضُ فِي مَا لَا يَعْنِيهِ. فَانْقَشَعَ الشُّعَرَاءُ وَالْخُطَبَاءُ، وَثَبَتَ عِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ وَالزُّهَّادُ وَقَالُوا: مَا يَسَعُنَا أَنْ نُفَارِقَ هَذَا الرَّجُلَ حَتَّى يُخَالِفَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ. قَالَ: فَلَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ أَحْضَرَ قُرَيْشًا وَوُجُوهَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ فَدَكَ كَانَتْ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَضَعُهَا حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ، ثُمَّ وَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ كَذَلِكَ وَعُمَرُ كَذَلِكَ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute