فَأَجَابَهُ أَفْرَاسِيَابُ إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ السَّفِيرُ فِي ذَلِكَ قِيرَانَ بْنَ وَيْسَعَانَ، وَدَخَلَ سِيَاوَخْشُ إِلَى بِلَادِ التُّرْكِ، فَأَكْرَمَهُ أَفْرَاسِيَابُ وَأَنْزَلَهُ وَأَجْرَى عَلَيْهِ وَزَوَّجَهُ بِنْتًا لَهُ يُقَالُ لَهَا وُسْفَافَرِيدُ، وَهِيَ أُمُّ كَيْخِسْرُو، فَظَهَرَ لَهُ مِنْ أَدَبِ سِيَاوَخْشَ وَمَعْرِفَتِهِ بِالْمُلْكِ وَشَجَاعَتِهِ مَا خَافَ عَلَى مُلْكِهِ مِنْهُ، وَزَادَ الْفَسَادَ بَيْنَهُمَا بِسَعْيِ ابْنَيْ أَفْرَاسِيَابَ وَأَخِيهِ كَيْدَرَ حَسَدًا مِنْهُمْ لِسِيَاوَخْشَ، فَأَمَرَهُمْ أَفْرَاسِيَابُ بِقَتْلِهِ فَقَتَلُوهُ وَمَثَّلُوا بِهِ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ ابْنَةُ أَفْرَاسِيَابَ حَامِلَةً مِنْهُ بِابْنِهِ كَيْخِسْرُو فَطَلَبُوا الْحِيلَةَ فِي إِسْقَاطِ مَا فِي بَطْنِهَا، فَلَمْ يَسْقُطْ، فَأَنْكَرَ قِيرَانُ الَّذِي كَانَ أَمَانُ سِيَاوَخْشَ عَلَى يَدِهِ قَتْلَهُ وَحَذَّرَ عَاقِبَتَهُ، وَالْأَخْذَ بِثَأْرِهِ مِنْ وَالِدِهِ كَيْكَاوُوسَ وَمِنْ رُسْتَمَ، وَأَخَذَ زَوْجَةَ سِيَاوَخْشَ إِلَيْهِ لِتَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا وَيَقْتُلَهُ، فَلَمَّا وَضَعَتْ رَقَّ قِيرَانُ لَهَا وَلِلْمَوْلُودِ وَلَمْ يَقْتُلْهُ وَسَتَرَ أَمْرَهُ حَتَّى بَلَغَ، فَسَيَّرَ كَيْكَاوُوسُ إِلَى بِلَادِ التُّرْكِ مَنْ كَشَفَ أَمَرَهُ وَأَخَذَهُ إِلَيْهِ.
وَحِينَ بَلَغَ خَبَرُ قَتْلِهِ إِلَى فَارِسَ لَبِسَ شَادُوسُ بْنُ جَوْدَرْزَ السَّوَادَ حُزْنًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ، وَدَخَلَ عَلَى كَيْكَاوُوسَ فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ ظَلَامٍ وَسَوَادٍ.
ثُمَّ إِنَّ كَيْكَاوُوسَ لَمَّا عَلِمَ بِقَتْلِ ابْنِهِ سَيَّرَ الْجُيُوشَ مَعَ رُسْتَمَ الشَّدِيدِ وَطُوسِ إِصْبَهْبَذَ أَصْبَهَانَ لِمُحَارَبَةِ أَفْرَاسِيَابَ، فَدَخَلَا بِلَادَ التُّرْكِ، فَقَتَلَا وَأَسَرَا وَأَثْخَنَا فِيهَا، وَجَرَى لَهُمَا مَعَ أَفْرَاسِيَابَ حُرُوبٌ شَدِيدَةٌ قُتِلَ فِيهَا ابْنَا أَفْرَاسِيَابَ وَأَخُوهُ الَّذِينَ أَشَارُوا بِقَتْلِ سِيَاوَخْشَ.
وَزَعَمَتِ الْفُرْسُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ مُسَخَّرَةً لَهُ، وَأَنَّهَا بَنَتْ لَهُ مَدِينَةً طُولُهَا فِي زَعْمِهِمْ ثَلَاثُمِائَةِ فَرْسَخٍ وَبَنَوْا عَلَيْهَا سُورًا مِنْ صُفْرٍ وَسُورًا مِنْ شَبَهٍ، وَسُورًا مِنْ فِضَّةٍ، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ تَنْقُلُهَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ كَيْكَاوُوسَ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يُحْدِثُ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَنْ يُخَرِّبُهَا فَعَجَزَتِ الشَّيَاطِينُ عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute