للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَنْعِ عَنْهَا، فَقَتَلَ كَيْكَاوُوسُ جَمَاعَةً مِنْ رُؤَسَائِهِمْ.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ: إِنَّمَا سُخِّرَ لَهُ فِعْلُ الشَّيَاطِينِ بِأَمْرِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَكَانَ مُظَفَّرًا لَا يُنَاوِئُهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُلُوكِ إِلَّا ظَهَرَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِالصُّعُودِ إِلَى السَّمَاءِ، فَسَارَ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى بَابِلَ، وَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى قُوَّةً ارْتَفَعَ بِهَا وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى بَلَغُوا السَّحَابَ، ثُمَّ سَلَبَهُمُ اللَّهُ تِلْكَ الْقُوَّةَ، فَسَقَطُوا وَهَلَكُوا وَأَفْلَتَ بِنَفْسِهِ وَأَحْدَثَ يَوْمَئِذٍ.

وَهَذَا جَمِيعُهُ مِنْ أَكَاذِيبِ الْفُرْسِ الْبَارِدَةِ.

ثُمَّ إِنَّ كَيْكَاوُوسَ بَعْدَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ تَمَزَّقَ مُلْكُهُ وَكَثُرَتِ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِ وَصَارُوا يَغْزُونَهُ، فَيَظْفَرُ مَرَّةً وَيَظْفَرُونَ أُخْرَى.

ثُمَّ غَزَا بِلَادَ الْيَمَنِ وَمَلِكُهَا يَوْمَئِذٍ ذُو الْأَذْعَارِ بْنُ أَبَرْهَةَ ذِي الْمَنَارِ بْنِ الرَّايِشِ، فَلَمَّا وَرَدَ الْيَمَنَ خَرَجَ إِلَيْهِ ذُو الْأَذْعَارِ، وَكَانَ قَدْ أَصَابَهُ الْفَالِجُ، فَلَمْ يَكُنْ يَغْزُو، فَلَمَّا وَطِئَ كَيْكَاوُوسُ بِلَادَهُ خَرَجَ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَعَسَاكِرِهِ وَظَفِرَ بِكَيْكَاوُوسَ فَأَسَرَهُ وَاسْتَبَاحَ عَسْكَرَهُ، وَحَبَسَهُ فِي بِئْرٍ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ. فَسَارَ رُسْتَمُ مِنْ سِجِسْتَانَ إِلَى الْيَمَنِ وَأَخْرَجَ كَيْكَاوُوسَ وَأَخَذَهُ، وَأَرَادَ ذُو الْأَذْعَارِ مَنْعَهُ فَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ وَأَرَادَ الْقِتَالَ ثُمَّ خَافَ الْبَوَارَ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِ كَيْكَاوُوسَ وَالْعَوْدِ إِلَى بِلَادِ الْفُرْسِ، فَأَخَذَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى مُلْكِهِ، فَأَقْطَعَهُ كَيْكَاوُوسُ سِجِسْتَانَ وَزَابُلِسْتَانَ، وَهِيَ مِنْ أَعْمَالِ غَزْنَةَ، وَأَزَالَ عَنْهُ اسْمَ الْعُبُودِيَّةِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ كَيْكَاوُوسُ، وَكَانَ مُلْكُهُ خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>