ذِكْرُ بَعْضِ الدُّعَاةِ لِلدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَجَّهَ مَيْسَرَةُ رُسُلَهُ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَظَهَرَ أَمْرُ الدُّعَاةِ بِهَا، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ بَحِيرِ بْنِ وَرْقَاءَ السَّعْدِيُّ إِلَى سَعِيدِ خُذَيْنَةَ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ هَاهُنَا قَوْمًا قَدْ ظَهَرَ مِنْهُمْ كَلَامٌ قَبِيحٌ، وَأَعْلَمَهُ حَالَهُمْ، فَبَعَثَ سَعِيدٌ إِلَيْهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَاسٌ مِنَ التُّجَّارِ. قَالَ: فَمَا هَذَا الَّذِي يُحْكَى عَنْكُمْ؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: جِئْتُمْ دُعَاةً؟ قَالُوا: إِنَّ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا وَتِجَارِتِنَا شُغْلًا عَنْ هَذَا. فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ هَؤُلَاءِ؟ فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ أَكْثَرُهُمْ مِنْ رَبِيعَةَ وَالْيَمَنِ فَقَالُوا: نَحْنُ نَعْرِفُهُمْ، وَهُمْ عَلَيْنَا إِنْ أَتَاكَ مِنْهُمْ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ. فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ.
ذِكْرُ قَتْلِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ
قِيلَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدِ اسْتَعْمَلَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ بِإِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، وَقِيلَ هَذِهِ السَّنَةَ، وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ عَزَمَ أَنْ يَسِيرَ فِيهِمْ بِسِيرَةِ الْحَجَّاجِ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ سَكَنُوا الْأَمْصَارَ مِمَّنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنَ السَّوَادِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَأَسْلَمَ بِالْعِرَاقِ، فَإِنَّهُ رَدَّهُمْ إِلَى قُرَاهُمْ وَوَضَعَ الْجِزْيَةَ عَلَى رِقَابِهِمْ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَهُمْ كُفَّارٌ، فَلَمَّا عَزَمَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَتَلُوهُ، وَوَلَّوْا عَلَى أَنْفُسِهِمُ الْوَالِي الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، فَوَلِيَ الْأَمْصَارَ، وَكَانَ عِنْدَهُمْ، وَكَتَبُوا إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: إِنَّا لَمْ نَخْلَعْ أَيْدِيَنَا مِنْ طَاعَةٍ، وَلَكِنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ سَامَنَا مَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَالْمُسْلِمُونَ، فَقَتَلْنَاهُ وَأَعَدْنَا عَامِلَكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: إِنِّي لَمْ أَرْضَ مَا صَنَعَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، وَأَقَرَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ عَلَى عَمَلِهِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الرُّومَ مِنْ نَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةَ وَهُوَ عَلَى الْجَزِيرَةِ قَبْلَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute