للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَعَمْرِي لَقَدْ سَلَّتْ حَنِيفَةُ سَلَّةً ... سُيُوفًا أَبَتْ يَوْمَ الْوَغَى أَنْ تُغَيَّرَا

تَرَكْنَ لِمَسْعُودٍ وَزَيْنَبَ أُخْتِهِ ... رِدَاءً وَسِرْبَالًا مِنَ الْمَوْتِ أَحْمَرَا

أَرَيْنَ الْحَرُورِيَّيْنِ يَوْمَ لِقَائِهِمْ ... بِبُرْقَانَ يَوْمًا يَجْعَلُ الْمَوْتَ أَشْقَرَا

وَقِيلَ: إِنَّ مَسْعُودًا غَلَبَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَالْيَمَامَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً حَتَّى قَتَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عَمْرٍو الْعُقَيْلِيُّ.

(الْخِضْرِمَةُ: بِكَسْرِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ) .

ذِكْرُ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَالِبِيِّ

كَانَ مُصْعَبٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْخَوَارِجِ، وَطَلَبَهُ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَطَلَبَ مَعَهُ مَالِكَ بْنَ الصَّعْبِ، وَجَابِرَ بْنَ سَعْدٍ، فَخَرَجُوا وَاجْتَمَعُوا بِالْخَوَرْنَقِ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ مُصْعَبًا، وَمَعَهُ أُخْتُهُ آمِنَةُ، وَسَارُوا عَنْهُ. فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْعِرَاقِ خَالِدًا الْقَسْرِيَّ سَيَّرَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا، وَكَانُوا قَدْ صَارُوا بِحَزَّةَ مِنْ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ الْخَوَارِجُ، وَقِيلَ: كَانَ قَتْلُهُمْ آخِرَ أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ فِيهِمُ الشُّعَرَاءُ:

فِتْيَةٌ تَعْرِفُ التَّخَشُّعَ فِيهِمْ ... كُلُّهُمْ أَحْكَمَ الْقُرَانَ إِمَامًا

قَدْ بَرَى لَحْمَهُ التَّهَجُّدُ حَتَّى ... عَادَ جِلْدًا مُصَفَّرًا وَعِظَامَا

غَادَرُوهُمْ بِقَاعِ حَزَّةَ صَرْعَى ... فَسَقَى الْغَيْثُ أَرْضَهُمْ يَا إِمَامَا

ذِكْرُ مَوْتِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، (وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَشَهْرًا وَأَيَّامًا) ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو خَالِدٍ، وَكَانَ مَرَضُهُ السُّلُّ.

وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّ حَبَابَةَ لَمَّا مَاتَتْ وَجَدَ عَلَيْهَا وَجْدًا شَدِيدًا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَخَرَجَ مُشَيِّعًا لِجِنَازَتِهَا وَمَعَهُ أَخُوهُ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِيُسَلِّيَهُ وَيُعَزِّيَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ بِكَلِمَةٍ، وَقِيلَ: إِنَّ يَزِيدَ لَمْ يُطِقِ الرُّكُوبَ مِنَ الْجَزَعِ، وَعَجَزَ عَنِ الْمَشْيِ، فَأَمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>