للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأُحِبُّ أَنْ أُقَبِّلَكَ! قَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ! قَالَتْ: وَأُحِبُّ أَنْ أَضَعَ بَطْنِي عَلَى بَطْنِكَ! قَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ! قَالَتْ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٦٧] وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَؤُولَ خُلَّتُنَا إِلَى عَدَاوَةٍ، ثُمَّ قَامَ، وَانْصَرَفَ عَنْهَا، وَعَادَ إِلَى عِبَادَتِهِ، وَلَهُ فِيهَا أَشْعَارٌ، مِنْهَا:

أَلَمْ تَرَهَا لَا يُبْعِدُ اللَّهُ دَارَهَا ... إِذَا طَرَّبَتْ فِي صَوْتِهَا كَيْفَ تَصْنَعُ

تَمُدُّ نِظَامَ الْقَوْلِ ثُمَّ تَرُدُّهُ ... إِلَى صَلْصَلٍ مِنْ صَوْتِهَا يَتَرَجَّعُ

وَلَهُ فِيهَا:

أَلَا قُلْ لِهَذَا الْقَلْبِ هَلْ أَنْتَ مُبْصِرُ ... وَهَلْ أَنْتَ عَنْ سَلَّامَةَ الْيَوْمَ مُقْصِرُ

أَلَا لَيْتَ أَنِّي حَيْثُ صَارَتْ بِهَا النَّوَى ... جَلِيسٌ لِسَلْمَى كُلَّمَا عَجَّ مِزْهَرُ

إِذَا أَخَذَتْ فِي الصَّوْتِ كَادَ جَلِيسُهَا ... يَطِيرُ إِلَيْهَا قَلْبُهُ حِينَ يَنْظُرُ

فَقِيلَ لَهَا: سَلَّامَةُ الْقَسِّ لِذَلِكَ.

(سَلَّامَةُ: بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَحَبَابَةُ: بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ) .

ذِكْرُ خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتُخْلِفَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِلَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ اسْتُخْلِفَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا، وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ عَامَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، فَسَمَّاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْصُورًا، وَسَمَّتْهُ أُمُّهُ بِاسْمِ أَبِيهَا هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ. وَكَانَتْ أُمُّهُ عَائِشَةُ بِنْتُ هِشَامٍ حَمْقَاءَ، فَطَلَّقَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ. وَكَانَتْ كُنْيَةُ هِشَامٍ: أَبَا الْوَلِيدِ، وَأَتَتْهُ الْخِلَافَةُ وَهُوَ بِالرُّصَافَةِ، أَتَاهُ الْبَرِيدُ بِالْخَاتَمِ وَالْقَضِيبِ، وَسُلِّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ، فَرَكِبَ مِنْهَا حَتَّى أَتَى دِمَشْقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>