اسْمُهَا الْعَالِيَةَ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَحْجُرَ عَلَى يَزِيدَ، فَرَدَّهَا يَزِيدُ، فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، فَلَمَّا أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى يَزِيدَ قَالَتِ امْرَأَتُهُ سُعْدَةُ: هَلْ بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ تَتَمَنَّاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، حَبَابَةُ. فَأَرْسَلَتْ فَاشْتَرَتْهَا، ثُمَّ صَيَّغَتْهَا، وَأَتَتْ بِهَا يَزِيدَ، فَأَجْلَسَتْهَا مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، وَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ بَقِيَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ تَتَمَنَّاهُ؟ قَالَ: قَدْ أَعْلَمْتُكِ. فَرَفَعَتِ السِّتْرَ وَقَالَتْ: هَذِهِ حَبَابَةُ، وَقَامَتْ وَتَرَكَتْهَا عِنْدَهُ، فَحَظِيَتْ سُعْدَةُ عِنْدَهُ وَأَكْرَمَهَا. وَسُعْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ. وَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ لَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ حَتَّى نَاحَتْ سَلَّامَةُ فَقَالَتْ:
لَا تَلُمْنَا إِنْ خَشَعْنَا أَوْ هَمَمْنَا بِخُشُوعِ ... قَدْ لَعَمْرِي بِتُّ لَيْلِي كَأَخِي الدَّاءِ الْوَجِيعِ
ثُمَّ بَاتَ الْهَمُّ مِنِّي دُونَ مَنْ لِي بِضَجِيعِ ... لِلَّذِي حَلَّ بِنَا الْيَوْمَ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ
كُلَّمَا أَبْصَرْتُ رَبْعًا خَالِيًا فَاضَتْ دُمُوعِي ... قَدْ خَلَا مِنْ سَيِّدٍ كَانَ لَنَا غَيْرُ مُضِيعِ
ثُمَّ نَادَتْ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَاهْ! فَعَلِمُوا بِمَوْتِهِ. وَالشِّعْرُ لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ.
وَأَخْبَارُ يَزِيدَ مَعَ سَلَّامَةَ وَحَبَابَةَ كَثِيرَةٌ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا.
وَإِنَّمَا قِيلَ لِسَلَّامَةَ [سَلَّامَةُ] الْقَسِّ، لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ أَحَدَ بَنِي جُشَمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بُكَيْرٍ كَانَ فَقِيهًا عَابِدًا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ يُسَمَّى الْقَسَّ لِعِبَادَتِهِ، مَرَّ يَوْمًا بِمَنْزِلِ مَوْلَاهَا، فَسَمِعَ غِنَاءَهَا، فَوَقَفَ يَسْمَعُهُ، فَرَآهُ مَوْلَاهَا، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ تَنْظُرَ وَتَسْمَعَ؟ فَأَبَى، فَقَالَ: أَنَا أُقْعِدُهَا بِمَكَانٍ لَا تَرَاهَا، وَتَسْمَعُ غِنَاءَهَا، فَدَخَلَ مَعَهُ فَغَنَّتْهُ، فَأَعْجَبَهُ غِنَاؤُهَا، ثُمَّ أَخْرَجَهَا مَوْلَاهَا إِلَيْهِ، فَشُغِفَ بِهَا وَأَحَبَّهَا، وَأَحَبَّتْهُ هِيَ أَيْضًا، وَكَانَ شَابًّا جَمِيلًا. فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا عَلَى خَلْوَةٍ: أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ! قَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكِ! قَالَتْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute