للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَمِيمٌ فَهَزَمَتْ أَصْحَابَ عَمْرٍو، فَقَالَ التَّمِيمِيُّ لِعَمْرٍو: هَذِهِ أَسْتَاهُ قَوْمِي. وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ انْهِزَامِ عَمْرٍو أَنَّ رَبِيعَةَ كَانَتْ مَعَ عَمْرٍو، فَقُتِلَ مِنْهُمْ وَمِنَ الْأَزْدِ جَمَاعَةٌ، فَقَالَتْ رَبِيعَةُ: عَلَامَ نُقَاتِلُ إِخْوَانَنَا وَأَمِيرَنَا، وَقَدْ تَقَرَّبْنَا إِلَى عَمْرٍو فَأَنْكَرَ قَرَابَتَنَا؟ فَاعْتَزَلُوا، فَانْهَزَمَتِ الْأَزْدُ وَعَمْرٌو، ثُمَّ آمَنَهُمْ نَصْرٌ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْحَقُوا مُسْلِمَ بْنَ سَعِيدٍ.

ذِكْرُ غَزْوِ مُسْلِمٍ التُّرْكَ

ثُمَّ قَطَعَ مُسْلِمٌ النَّهْرَ، وَلَحِقَ بِهِ مَنْ لَحِقَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ بُخَارَى أَتَاهُ كِتَابُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِوِلَايَتِهِ الْعِرَاقَ، وَيَأْمُرُهُ بِإِتْمَامِ غَزَاتِهِ. فَسَارَ إِلَى فَرْغَانَةَ، فَلَمَّا وَصَلَهَا بَلَغَهُ أَنَّ خَاقَانَ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ ذَكَرُوهُ، فَارْتَحَلَ، فَسَارَ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ فِي يَوْمٍ، وَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ خَاقَانُ، فَلَقِيَ طَائِفَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَصَابَ دَوَابَّ لِمُسْلِمٍ، وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقُتِلَ الْمُسَيَّبُ بْنُ بِشْرٍ الرِّيَاحَيُّ، وَالْبَرَاءُ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ الْمُهَلَّبِ، وَقُتِلَ أَخُو غَوْزَكَ، وَثَارَ النَّاسُ فِي وُجُوهِهِمْ فَأَخْرَجُوهُمْ مِنَ الْعَسْكَرِ، وَرَحَلَ مُسْلِمٌ بِالنَّاسِ، فَسَارَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَهُمْ مُطِيفُونَ بِهِمْ، فَلَمَّا كَانَتِ التَّاسِعَةُ أَرَادُوا النُّزُولَ، فَشَاوَرُوا النَّاسَ، فَأَشَارَ بِهِ وَقَالُوا: إِذَا أَصْبَحْنَا وَرْدَنَا الْمَاءَ [وَالْمَاءُ] مِنَّا غَيْرُ بَعِيدٍ. فَنَزَلُوا وَلَمْ يَرْفَعُوا بِنَاءً فِي الْعَسْكَرِ، وَأَحْرَقَ النَّاسُ مَا ثَقُلَ مِنَ الْآنِيَةِ وَالْأَمْتِعَةِ، فَحَرَقُوا مَا قِيمَتُهُ أَلْفُ أَلْفٍ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ، فَسَارُوا، فَوَرَدُوا النَّهْرَ، وَأَهْلُ فَرْغَانَةَ وَالشَّاشِ دُونَهُ، فَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ: أَعْزِمُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ إِلَّا اخْتَرَطَ سَيْفَهُ، فَفَعَلُوا وَصَارَتِ الدُّنْيَا كُلُّهَا سُيُوفًا، فَتَرَكُوا الْمَاءَ وَعَبَرُوا.

فَأَقَامَ يَوْمًا، ثُمَّ قَطَعَ مِنْ غَدٍ، وَاتَّبَعَهُمُ ابْنٌ لِخَاقَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ عَلَى السَّاقَةِ: قِفْ لِي فَإِنَّ خَلْفِي مِائَتَيْ رَجُلٍ مِنَ التُّرْكِ حَتَّى أُقَاتِلَهُمْ، وَهُوَ مُثْقَلٌ جِرَاحَةً، فَوَقَفَ النَّاسُ، وَعَطَفَ عَلَى التُّرْكِ، فَقَاتَلَهُمْ، وَأُسِرَ أَهْلُ الصُّغْدِ وَقَائِدُهُمْ وَقَائِدُ التُّرْكِ فِي سَبْعَةٍ، وَمَضَى الْبَقِيَّةُ، وَرَجَعَ حُمَيْدٌ، فَرُمِيَ بِنُشَّابَةٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَمَاتَ.

وَعَطِشَ النَّاسُ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيُّ حَمَلَ عِشْرِينَ قِرْبَةً عَلَى إِبِلِهِ، فَسَقَاهَا النَّاسَ جُرَعًا جُرَعًا، وَاسْتَسْقَى مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ، فَأَتَوْهُ بِإِنَاءٍ، فَأَخَذَهُ جَابِرٌ أَوْ حَارِثَةُ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>