كَثِيرٍ أَخُو سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ مِنْ فِيهِ، فَقَالَ مُسْلِمٌ: دَعُوهُ فَمَا نَازَعَنِي شَرْبَتِي إِلَّا مِنْ حَرٍّ دَخَلَهُ. وَأَتَوْا خُجَنْدَةَ، وَقَدْ أَصَابَهُمْ مَجَاعَةٌ وَجَهْدٌ، فَانْتَشَرَ النَّاسُ، فَإِذَا فَارِسَانِ يَسْأَلَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعَيْمٍ، فَأَتَيَاهُ بِعَهْدِهِ عَلَى خُرَاسَانَ مِنْ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخِي خَالِدٍ، فَأَقْرَأَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مُسْلِمًا، فَقَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الْخِيَامَ فِي مَفَازَةِ آمُلَ.
قَالَ الْخَزْرَجُ التَّغْلَبِيُّ: قَاتَلْنَا التُّرْكَ، فَأَحَاطُوا بِنَا حَتَّى أَيْقَنَّا بِالْهَلَاكِ، فَحَمَلَ حَوْثَرَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْحُرِّ بْنِ الْخُنَيْفِ عَلَى التُّرْكِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَاتَلَهُمْ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ، وَأَقْبَلَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَزَالَهُمْ عَنْ مَوَاضِعِهِمْ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ، فَانْهَزَمَ التُّرْكُ، وَحَوْثَرَةُ وَهُوَ ابْنُ أَخِي رَقَبَةَ بْنِ الْحُرِّ.
قِيلَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ قَالَ لِمُسْلِمِ بْنِ سَعِيدٍ حِينَ وَلَّاهُ: لِيَكُنْ حَاجِبُكَ مِنْ صَالِحِ مُوَالِيكَ، فَإِنَّهُ لِسَانُكَ وَالْمُعَبِّرُ عَنْكَ، وَعَلَيْكَ بِعُمَّالِ الْعُذْرِ. قَالَ: وَمَا عُمَّالُ الْعُذْرِ؟ قَالَ: تَأْمُرُ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ أَنْ يَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا كَانَ لَكَ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا كَانَ لَهُمْ دُونَكَ، وَكُنْتَ مَعْذُورًا.
وَكَانَ عَلَى خَاتَمِ مُسْلِمِ بْنِ سَعِيدٍ تَوْبَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، فَلَمَّا وَلِيَ أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خُرَاسَانَ جَعَلَهُ عَلَى خَاتَمِهِ أَيْضًا.
ذِكْرُ حَجِّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَتَبَ لَهُ أَبُو الزِّنَادِ سُنَنَ الْحَجِّ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: لَقِيتُ هِشَامًا، فَإِنِّي لَفِي الْمَوْكِبِ إِذْ لَقِيَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَسَارَ إِلَى جَنْبِهِ، فَسَمِعَهُ يَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ يُنْعِمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَنْصُرُ خَلِيفَتَهُ الْمَظْلُومَ، وَلَمْ يَزَالُوا يَلْعَنُونَ فِي هَذِهِ الْمُوَاطِنِ أَبَا تُرَابٍ! فَإِنَّهَا مَوَاطِنُ صَالِحَةٌ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْعَنَهُ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute