للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَشَقَّ عَلَى هِشَامٍ قَوْلُهُ وَقَالَ: مَا قَدِمْنَا لِشَتْمِ أَحَدٍ وَلَا لِلَعْنِهِ، قَدِمْنَا حُجَّاجًا، ثُمَّ قَطَعَ كَلَامَهُ وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنِ الْحَجِّ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَتَبْتُ لَهُ، قَالَ: وَشَقَّ عَلَى سَعِيدٍ أَنِّي سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ، وَكَانَ مُنْكَسِرًا كُلَّمَا رَآنِي.

ذِكْرُ وِلَايَةِ أَسَدٍ خُرَاسَانَ

قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْمَلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخَاهُ أَسَدًا عَلَى خُرَاسَانَ، فَقَدِمَهَا وَمُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ [غَازٍ] بِفَرْغَانَةَ، فَلَمَّا أَتَى أَسَدٌ النَّهْرَ لِيَقْطَعَهُ مَنْعَهُ الْأَشْهَبُ بْنُ عُبَيْدٍ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ عَلَى السُّفُنِ بِآمُلَ، وَقَالَ: قَدْ نُهِيتُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَعْطَاهُ وَلَاطَفَهُ، فَأَبَى، قَالَ: فَإِنِّي أَمِيرٌ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ أَسَدٌ: اعْرِفُوا هَذَا حَتَّى نَشْكُرَهُ فِي أَمَانَتِنَا.

وَأَتَى الصُّغْدَ فَنَزَلَ بِالْمَرَجِ، وَعَلَى سَمَرْقَنْدَ هَانِئُ بْنُ هَانِئٍ، فَخَرَجَ فِي النَّاسِ يَلْقَى أَسَدًا، فَرَآهُ عَلَى حَجَرٍ، فَتَفَاءَلَ النَّاسُ، وَقَالُوا: مَا عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ، أَسَدٌ عَلَى حَجَرٍ. وَدَخَلَ سَمَرْقَنْدَ وَبَعَثَ رَجُلَيْنِ مَعَهُمَا عَهْدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعَيْمٍ عَلَى الْجُنْدِ، فَقَدِمَا وَسَأَلَا عَنْهُ وَسَلَّمَا إِلَيْهِ الْعَهْدَ، فَأَتَى بِهِ مُسْلِمًا فَقَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً. وَقَفَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالنَّاسِ وَمَعَهُ مُسْلِمٌ، فَقَدِمُوا عَلَى أَسَدٍ بِسَمَرْقَنْدَ، فَعَزَلَ هَانِئًا عَنْهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْعَمَرَّطَةِ الْكِنْدِيَّ.

وَقِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ الْأَتْرَاكَ قَدْ أَتَوْكَ فِي سَبْعَةِ آلَافٍ. فَقَالَ: مَا أَتَوْنَا، نَحْنُ أَتَيْنَاهُمْ وَغَلَبْنَاهُمْ عَلَى بِلَادِهِمْ وَاسْتَعْبَدْنَاهُمْ، وَمَعَ هَذَا فَلَأُدْنِيَنَّ بَعْضَكُمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَأُقْرِنَنَّ نَوَاصِيَ خَيْلِكُمْ بِخَيْلِهِمْ، ثُمَّ سَبَّهُمْ وَدَعَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مُتَبَاطِئًا، فَأَغَارُوا وَرَجَعُوا سَالِمِينَ. وَاسْتَخْلَفَ عَلَى سَمَرْقَنْدَ ثَابِتَ قُطْنَةَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأُرْتِجَ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ، فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْطِقْ بِكَلِمَةٍ، وَقَالَ:

إِنْ لَمْ أَكُنْ فِيكُمْ خَطِيبًا فَإِنَّنِي بِسَيْفِي إِذَا جَدَّ الْوَغَى لَخَطِيبُ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ قُلْتَ هَذَا عَلَى الْمِنْبَرِ لَكُنْتَ أَخْطَبَ النَّاسِ، فَقَالَ حَاجِبُ الْفِيلِ الْيَشْكُرِيُّ يُعَيِّرُهُ حَصْرَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>