الْمُنْذِرِ أَنْ يَخْتِمَ وَقَالَ: هَذَا خَلْعٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْفَسَخَ ذَلِكَ.
وَكَانَ عَاصِمٌ بِقَرْيَةٍ بِأَعْلَى مَرْوَ، وَأَتَاهُ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ الْحَارِثُ وَأُسِرَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَسْرَى كَثِيرَةٌ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمَازِنِيُّ رَأْسُ أَهْلِ مَرْوِ الرُّوذِ، فَقَتَلَ عَاصِمٌ الْأَسْرَى، وَكَانَ فَرَسُ الْحَارِثِ قَدْ رُمِيَ بِسَهْمٍ فَنَزَعَهُ الْحَارِثُ، وَأَلَحَّ عَلَى الْفَرَسِ بِالضَّرْبِ وَالْحُضْرِ لِيَشْغَلَهُ عَنْ أَثَرِ الْجِرَاحَةِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ مَالَ الْحَارِثُ عَنْ فَرَسِهِ ثُمَّ اتَّبَعَ الشَّامِيَّ فَقَالَ لَهُ: أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ فِي دَمِي! فَقَالَ: انْزِلْ عَنْ فَرَسِكَ. فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ، فَرَكِبَهُ الْحَارِثُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فِي ذَلِكَ:
تَوَلَّتْ قُرَيْشٌ لَذَّةَ الْعَيْشِ وَاتَّقَتْ ... بِنَا كُلَّ فَجٍّ مِنْ خُرَاسَانَ أَغْبَرَا
فَلَيْتَ قُرَيْشًا أَصْبَحُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ ... يَعُومُونَ فِي لُجٍّ مِنَ الْبَحْرِ أَخْضَرَا
وَعَظَّمَ أَهْلُ الشَّامِ يَحْيَى بْنَ (حُضَيْنٍ لِمَا صَنَعَ فِي نَقْضِ الْكِتَابِ، وَكَتَبُوا كِتَابًا بِمَا كَانَ وَبِهَزِيمَةِ الْحَارِثِ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعَنْبَرِيِّ. فَلَقِيَ أَسَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بِالرَّيِّ، وَقِيلَ بِبَيْهَقَ، فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ) يَنْتَحِلُ أَنَّهُ هَزَمَ الْحَارِثَ وَيُخْبِرُهُ بِأَمْرِ يَحْيَى، فَأَجَازَ خَالِدٌ يَحْيَى بِعَشَرَةِ آلَافِ (دِينَارٍ وَ [كَسَاهُ] مِائَةَ حُلَّةٍ.
وَكَانَتْ وِلَايَةُ عَاصِمٍ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ، فَحَبَسَهُ أَسَدٌ وَحَاسَبَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ) وَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَفُزْ، وَأَطْلَقَ عُمَارَةَ بْنَ حُرَيْمٍ وَعُمَّالَ الْجُنَيْدِ.
فَلَمَّا قَدِمَ أَسَدٌ لَمْ يَكُنْ لِعَاصِمٍ إِلَّا مَرْوُ وَنَيْسَابُورُ، وَالْحَارِثُ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَجَرِيُّ بِآمُلَ مُوَافِقٌ لِلْحَارِثِ، فَخَافَ أَسَدٌ إِنْ قَصَدَ الْحَارِثَ بِمَرْوِ الرُّوذِ أَنْ يَأْتِيَ الْهَجَرِيُّ مِنْ قِبَلِ آمُلَ، وَإِنْ قَصَدَ الْهَجَرِيَّ قَصَدَ الْحَارِثُ مَرْوَ مِنْ قِبَلِ مَرْوِ الرُّوذِ. فَأَجْمَعَ عَلَى تَوْجِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعَيْمٍ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالشَّامِ إِلَى الْحَارِثِ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَسَارَ أَسَدٌ بِالنَّاسِ إِلَى آمُلَ، فَلَقِيَهُ خَيْلُ آمُلَ عَلَيْهِمْ زِيَادٌ الْقُرَشِيُّ مَوْلَى حَيَّانَ النَّبَطِيِّ وَغَيْرُهُ، فَهُزِمُوا حَتَّى رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَحَصَرَهُمْ أَسَدٌ وَنَصَبَ عَلَيْهِمُ الْمَجَانِيقَ وَعَلَيْهِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute