تَرَكْتَ بِأَرْضِ الْجُوزَجَانِ تَزُورُهُ
سِبَاعٌ وَعِقْبَانٌ لَحَزِّ الْغَلَاصِمِ ... وَذِي سُوقَةٍ فِيهِ مِنَ السَّيْفِ خَبْطَةٌ
بِهِ رَمَقٌ مُلْقًى لِحَوْمِ الْحَوَائِمِ ... فَمِنْ هَارِبٍ مِنَّا وَمِنْ دَائِنٍ لَنَا
أَسِيرٍ يُقَاسِي مُبْهَمَاتِ الْأَدَاهِمِ ... فَدَتْكَ نُفُوسٌ مِنْ تَمِيمٍ وَعَامِرٍ
وَمِنْ مُضَرَ الْحَمْرَاءِ عِنْدَ الْمَآزِمِ ... هُمْ أَطْمَعُوا خَاقَانَ فِينَا فَأَصْبَحَتْ
حَلَائِبُهُ تَرْجُو خُلُوَّ الْمَغَانِمِ
وَكَانَ ابْنُ السَّايِجِيِّ الَّذِي أَخْبَرَ أَسَدًا بِمَجِيءِ خَاقَانَ قَدِ اسْتَخْلَفَهُ السَّبْلُ عَلَى مَمْلَكَتِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَأَوْصَاهُ بِثَلَاثِ خِصَالٍ، قَالَ: لَا تَسْتَطِلْ عَلَى أَهْلِ الْخُتُّلِ اسْتِطَالَتِي عَلَيْهِمْ، فَإِنِّي مَلِكٌ وَأَنْتَ لَسْتَ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَقَالَ لَهُ: اطْلُبِ الْحُنَيْشَ حَتَّى تَرُدَّهُ إِلَى بِلَادِكُمْ، فَإِنَّهُ الْمَلِكُ بَعْدِي، وَكَانَ الْحُنَيْشُ قَدْ هَرَبَ إِلَى الصِّينِ، وَقَالَ لَهُ: لَا تُحَارِبُوا الْعَرَبَ وَادْفَعُوهَا عَنْكُمْ بِكُلِّ حِيلَةٍ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ السَّايِجِيِّ: أَمَّا تَرْكِي الِاسْتِطَالَةَ عَلَيْهِمْ وَرَدِّي الْحُنَيْشَ فَهُوَ الرَّأْيُ، وَأَمَّا قَوْلُكَ لَا تُحَارِبُوا الْعَرَبَ، فَكَيْفَ وَقَدْ كُنْتَ أَكْثَرَ الْمُلُوكِ مُحَارَبَةً لَهُمْ؟ قَالَ السَّبْلُ: قَدْ جَرَّبْتُ قُوَّتَكُمْ بِقُوَّتِي فَمَا رَأَيْتُكُمْ تَقَعُونَ مِنِّي مَوْقِعًا، وَكُنْتُ إِذَا حَارَبْتُهُمْ لَمْ أُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا جَرِيضًا، وَإِنَّكُمْ إِذَا حَارَبْتُمُوهُمْ هَلَكْتُمْ.
فَهَذَا الَّذِي كَرَّهَ إِلَى ابْنِ السَّايِجِيِّ مُحَارِبَةَ الْعَرَبِ.
ذِكْرُ قَتْلِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعِيدٍ وَبَيَانٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَبَيَانٌ فِي سِتَّةِ نَفَرٍ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْوُصَفَاءَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute