للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَجَ الْبَخْتَرِيُّ صَاحِبُ الْأَشْهَبِ، وَبِهَذَا كَانَ يُعْرَفُ، عَلَى خَالِدٍ فِي سِتِّينَ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ خَالِدٌ السِّمْطَ بْنَ مُسْلِمٍ الْبَجَلِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَالْتَقَوْا بِنَاحِيَةِ الْفُرَاتِ، فَانْهَزَمَتِ الْخَوَارِجُ، فَتَلَقَّاهُمْ عَبِيدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَسِفْلَتُهُمْ فَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُمْ.

ثُمَّ خَرَجَ وَزِيرُ السِّخْتِيَانِيِّ عَلَى خَالِدٍ بِالْحِيرَةِ فِي نَفَرٍ، فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِقَرْيَةٍ إِلَّا أَحْرَقَهَا، وَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَغَلَبَ عَلَى مَا هُنَالِكَ وَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ خَالِدٌ جُنْدًا فَقَاتَلُوا عَامَّةَ أَصْحَابِهِ وَأُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ، وَأُتِيَ بِهِ خَالِدٌ، وَأَقْبَلَ عَلَى خَالِدٍ فَوَعَظَهُ، فَأَعْجَبَ خَالِدًا مَا سَمِعَ مِنْهُ فَلَمْ يَقْتُلْهُ وَحَبَسَهُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يُؤْتَى بِهِ فِي اللَّيْلِ فَيُحَادِثُهُ. فَسُعِيَ بِخَالِدٍ إِلَى هِشَامٍ وَقِيلَ: أَخَذَ حَرُورِيًّا قَدْ قَتَلَ وَحَرَّقَ وَأَبَاحَ الْأَمْوَالَ فَجَعَلَهُ سَمِيرًا، فَغَضِبَ هِشَامٌ وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ، وَكَانَ خَالِدٌ يَقُولُ: إِنِّي أَنْفَسُ بِهِ عَنِ الْمَوْتِ، فَأَخَّرَ قَتْلَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ هِشَامٌ ثَانِيًا يَذُمُّهُ وَيَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ وَإِحْرَاقِهِ، فَقَتَلَهُ وَأَحْرَقَهُ وَنَفَرًا مَعَهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَتْلُو الْقُرْآنَ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ يَقْرَأُ: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: ٨١] .

ذِكْرُ خُرُوجِ الصَّحَارِيِّ بْنِ شَبِيبٍ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الصَّحَارِيُّ بْنُ شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ بِنَاحِيَةِ حُبَلَ، وَكَانَ قَدْ أَتَى خَالِدًا يَسْأَلُهُ الْفَرِيضَةَ، فَقَالَ خَالِدٌ: وَمَا يَصْنَعُ ابْنُ شَبِيبٍ بِالْفَرِيضَةِ؟ فَمَضَى، وَنَدِمَ خَالِدٌ وَخَافَ أَنْ يَفْتِقَ عَلَيْهِ [فَتْقًا] ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ، وَسَارَ حَتَّى أَتَى حُبَلَ، وَبِهَا نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّاتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالُوا: وَمَا تَرْجُو مِنِ ابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ؟ كُنْتَ أَوْلَى أَنْ تَسِيرَ إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَتَضْرِبَهُ بِهِ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ الْفَرِيضَةَ، وَمَا أَرَدْتُ إِلَّا التَّوَصُّلَ إِلَيْهِ لِئَلَّا يُنْكِرَنِي ثُمَّ أَقْتُلَهُ بِفُلَانٍ، يَعْنِي بِفُلَانٍ رَجُلًا مِنْ قَعَدَةِ الصُّفْرِيَّةِ، وَكَانَ خَالِدٌ قَتَلَهُ صَبْرًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ، فَتَبِعَهُ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا وَخَرَجَ بِهِمْ، فَبَلَغَ خَبَرُهُ خَالِدًا وَقَالَ: قَدْ كُنْتُ خِفْتُهَا مِنْهُ، ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيْهِ خَالِدٌ جُنْدًا، فَلَقُوهُ بِنَاحِيَةِ الْمَنَاذِرِ، فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا فَقَتَلُوهُ وَجَمِيعَ أَصْحَابِهِ.

ذِكْرُ غَزْوَةِ أَسَدٍ الْخُتُّلَ

وَفِيهَا غَزَا أَسَدٌ الْخُتُّلَ، فَوَجَّهَ مُصْعَبَ بْنَ عَمْرٍو الْخُزَاعِيَّ إِلَيْهَا، فَسَارَ فَنَزَلَ بِقُرْبِ بَدْرِ طَرْخَانَ فَطَلَبَ الْأَمَانَ لِيَخْرُجَ إِلَى أَسَدٍ، فَآمَنَهُ مُصْعَبٌ، فَسَيَّرَهُ إِلَى أَسَدٍ، فَسَأَلَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>