للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبَحْتَ عَسْكَرَهُ، وَأَمَّا رُحْبُ صَدْرِكَ وَبَسْطُ يَدِكَ فَإِنَّا لَا نَدْرِي أَيُّ الْمَالَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَمَالٌ قَدِمَ عَلَيْكَ أَمْ مَالٌ خَرَجَ مِنْ عِنْدِكَ؟ بَلْ أَنْتَ بِمَا خَرَجَ أَقَرُّ عَيْنًا. فَضَحِكَ أَسَدٌ وَقَالَ: أَنْتَ خَيْرُ دَهَاقِينِنَا، وَفَرَّقَ جَمِيعَ الْهَدِيَّةِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ.

وَلَمَّا مَاتَ أَسَدٌ رَثَاهُ ابْنُ عُرْسٍ الْعَبْدِيُّ فَقَالَ: نَعَى

أَسَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَاعِ ... فَرِيعَ الْقَلْبُ لِلْمَلِكِ الْمُطَاعِ

بِبَلْخٍ وَافَقَ الْمِقْدَارُ يُسْرِي ... وَمَا لِقَضَاءِ رَبِّكَ مِنْ دِفَاعِ

فَجُودِي عَيْنُ بِالْعَبَرَاتِ سَحًّا ... أَلَمْ يُحْزِنْكِ تَفْرِيقُ الْجِمَاعِ

فِي أَبْيَاتٍ غَيْرِهَا. وَلَمَّا مَاتَ أَسَدٌ كَتَبَ مَسْلَمَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ أَبُو شَاكِرٍ، إِلَى خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ:

أَرَاحَ مِنْ خَالِدٍ فَأَهْلَكَهُ ... رَبٌّ أَرَاحَ الْعِبَادَ مِنْ أَسَدِ

أَمَّا أَبُوهُ فَكَانَ مُؤْتَشِبًا ... عَبْدًا لَئِيمًا لِأَعْبُدٍ فَقَدِ

يَرَى الزِّنَى وَالصَّلِيبَ وَالْخَمْرَ ... وَالْخِنْزِيرَ حِلًّا وَالْغَيَّ كَالرَّشَدِ

وَأُمُّهُ هَمُّهَا وَبُغْيَتُهَا ... هَمُّ الْإِمَاءِ الْعَوَاهِرِ الشُّرَدِ

كَافِرَةٌ بِالنَّبِيِّ مُؤْمِنَةٌ ... بِقَسِّهَا وَالصَّلِيبِ وَالْعُمَدِ

يَعْنِي الْمَعْمُودِيَّةَ. فَلَمَّا قَرَأَ خَالِدٌ الْكِتَابَ قَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ مَنْ رَأَى كَهَذِهِ تَعْزِيَةَ رَجُلٍ مِنْ أَخِيهِ؟ وَكَانَ مَا بَيْنَ خَالِدٍ وَأَبِي شَاكِرٍ مُبَاعَدَةٌ، وَسَبَبُهَا أَنَّ هِشَامًا يُرَشِّحُ ابْنَهُ أَبَا شَاكِرٍ لِلْخِلَافَةِ، فَقَالَ الْكُمَيْتُ:

إِنَّ الْخِلَافَةَ كَائِنٌ أَوْتَادُهَا ... بَعْدَ الْوَلِيدِ إِلَى ابْنِ أُمِّ حَكِيمِ

يَعْنِي أَبَا شَاكِرٍ، وَأُمَّهُ أُمَّ حَكِيمٍ، فَبَلَغَ الشِّعْرُ خَالِدًا فَقَالَ: أَنَا كَافِرٌ بِكُلِّ خَلِيفَةٍ يُكَنَّى أَبَا شَاكِرٍ، فَسَمِعَهَا أَبُو شَاكِرٍ فَحَقَدَهَا عَلَيْهِ.

ذِكْرُ شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِخُرَاسَانَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَجَّهَتْ شِيعَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ بِخُرَاسَانَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>