عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ لِيُعْلِمَهُ أَمْرَهُمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدًا تَرَكَ مُكَاتَبَتَهُمْ وَمُرَاسَلَتَهُمْ بِطَاعَتِهِمُ الَّتِي كَانَتْ لِخِدَاشٍ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَقَبُولِهِمْ مِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْكَذِبِ. فَلَمَّا أَبْطَأَتْ كُتُبُهُ وَرُسُلُهُ عَلَيْهِمْ أَرْسَلُوا سُلَيْمَانَ لِيَعْلَمَ الْخَبَرَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَعَنَّفَهُ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ صَرَفَ سُلَيْمَانَ إِلَى خُرَاسَانَ وَمَعَهُ كِتَابٌ مَخْتُومٌ، فَفَضُّوهُ فَلَمْ يَرَ فِيهِ: " إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَعَلِمُوا مُخَالَفَةَ خِدَاشٍ لِأَمْرِهِ، ثُمَّ وَجَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَيْهِمْ بُكَيْرَ بْنَ مَاهَانَ بَعْدَ عَوْدِ سُلَيْمَانَ مِنْ عِنْدِهِ، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَيْهِمْ يُعْلِمُهُمْ كَذِبَ خِدَاشٍ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ وَاسْتَخَفُّوا بِهِ، فَانْصَرَفَ بُكَيْرٌ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَبَعَثَ مَعَهُ بِعِصِيٍّ مُضَبَّبَةٍ بَعْضُهَا بِحَدِيدٍ وَبَعْضُهَا بِنُحَاسٍ، فَجَمَعَ بُكَيْرٌ النُّقَبَاءَ وَالشِّيعَةَ وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَصًا، فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِسِيرَتِهِ فَتَابُوا وَرَجَعُوا.
ذِكْرُ عَزْلِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ وَوِلَايَةِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خَالِدًا عَنْ أَعْمَالِهِ جَمِيعِهَا، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَسَبَبِهِ.
قِيلَ: إِنَّ فَرُّوخَ أَبَا الْمُثَنَّى كَانَ عَلَى ضِيَاعِ هِشَامٍ بِنَهْرِ الرُّمَّانِ، فَثَقُلَ مَكَانُهُ عَلَى خَالِدٍ، فَقَالَ خَالِدٌ لَحَيَّانَ النَّبَطِيِّ: اخْرُجْ إِلَى هِشَامٍ وَزِدْ عَلَى فَرُّوخٍ، فَفَعَلَ حَيَّانُ ذَلِكَ وَتَوَلَّاهَا، فَصَارَ حَيَّانُ أَثْقَلَ عَلَى خَالِدٍ مِنْ فَرُّوخٍ، فَجَعَلَ يُؤْذِيهِ، فَيَقُولُ حَيَّانُ: لَا تُؤْذِنِي وَأَنَا صَنِيعَتُكَ، فَأَبَى إِلَّا أَذَاهُ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ بَثَقَ الْبُثُوقَ عَلَى الضِّيَاعِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى هِشَامٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ خَالِدًا بَثَقَ الْبُثُوقَ عَلَى ضِيَاعِكَ. فَوَجَّهَ هِشَامٌ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهَا. فَقَالَ حَيَّانُ لِخَادِمٍ مِنْ خَدَمِ هِشَامٍ: إِنْ تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةٍ أَقُولُهَا لَكَ حَيْثُ يَسْمَعُ هِشَامٌ فَلَكَ أَلْفُ دِينَارٍ. قَالَ: فَعَجِّلْهَا [وَأَقُولُ مَا شِئْتَ] ، فَأَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ لَهُ: تُبْكِي صَبِيًّا مِنْ صِبْيَانِ هِشَامٍ، فَإِذَا بَكَى فَقُلْ لَهُ: (اسْكُتْ وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ ابْنُ خَالِدٍ) الْقَسْرِيُّ الَّذِي غَلَّتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفِ أَلْفٍ. فَفَعَلَ الْخَادِمُ، فَسَمِعَهَا هِشَامٌ، فَسَأَلَ حَيَّانَ عَنْ غَلَّةِ خَالِدٍ، فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute