لَكَ! [أَتُرِيدُ عَشِيرَةً] أَكْثَرَ مِنِّي؟ أَنَا عَشِيرَتُهُ. فَكَتَبَ عَهْدَهُ وَبَعَثَهُ مَعَ عَبْدِ الْكَرِيمِ.
وَقَدْ قِيلَ: عُرِضَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ الشِّخِّيرِ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ صَاحِبُ شَرَابٍ، وَقِيلَ لَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُضَيْنِ: إِنَّهُ كَثِيرُ التِّيهِ، وَقِيلَ لَهُ عَنْ قَطَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ: إِنَّهُ مَوْتُورٌ، فَلَمْ يُوَلِّهِمْ فَاسْتَعْمَلَ نَصْرًا.
وَكَانَ جَعْفَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ أَسَدٌ عَلَى خُرَاسَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ قَدْ عَرَضَ عَلَى نَصْرٍ أَنْ يُوَلِّيَهُ بُخَارَى، فَاسْتَشَارَ الْبَخْتَرِيَّ بْنَ مُجَاهِدٍ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَقْبَلْهَا لِأَنَّكَ شَيْخُ مُضَرَ بِخُرَاسَانَ، وَكَأَنَّكَ بِعَهْدِكَ قَدْ جَاءَ عَلَى خُرَاسَانَ كُلِّهَا. فَلَمَّا أَتَاهُ عَهْدُهُ بَعَثَ إِلَى الْبَخْتَرِيِّ لِيَأْتِيَهُ، فَقَالَ الْبَخْتَرِيُّ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ وَلِيَ نَصْرٌ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا أَتَاهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْإِمْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَيْنَ عَلِمْتَ؟ قَالَ: كُنْتَ تَأْتِينِي، فَلَمَّا بَعَثْتَ إِلَيَّ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ وَلِيتَ.
وَأَعْطَى نَصْرٌ عَبْدَ الْكَرِيمِ لَمَّا أَتَاهُ بِعَهْدِهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى بَلْخٍ مُسْلِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَرْوِ الرُّوذِ وَسَّاجَ بْنَ بُكَيْرِ بْنِ وَسَّاجٍ، وَعَلَى هَرَاةَ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَشْرَجِ، وَعَلَى نَيْسَابُورَ زِيَادَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيَّ، وَعَلَى خَوَارِزْمَ أَبَا حَفْصِ بْنَ عَلِيٍّ خَتَنَهُ، وَعَلَى الصُّغْدِ قَطَنَ بْنَ قُتَيْبَةَ. قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَانِيَّةِ: مَا رَأَيْتُ عَصَبِيَّةً مِثْلَ هَذَا. قَالَ: بَلَى، الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا، فَلَمْ يَسْتَعْمِلْ أَرْبَعَ سِنِينَ إِلَّا مُضَرِيًّا. وَعُمِرَتْ خُرَاسَانُ عِمَارَةً لَمْ تُعْمَرْ قَبْلَهَا، وَأَحْسَنَ الْوِلَايَةَ وَالْجِبَايَةَ، فَقَالَ سَوَّارُ بْنُ الْأَشْعَرِ:
أَضْحَتْ خُرَاسَانُ بَعْدَ الْخَوْفِ آمِنَةً ... مِنْ ظُلْمِ كُلِّ غَشُومِ الْحُكْمِ جَبَّارِ
لَمَّا أَتَى يُوسُفًا أَخْبَارُ مَا لَقِيَتْ ... اخْتَارَ نَصْرًا لَهَا نَصْرَ بْنَ سَيَّارِ
وَأَتَى نَصْرًا عَهْدَهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الصَّائِفَةَ، وَافْتَتَحَ سَنْدَرَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute