شَرِكُوا فِي دَمِ الْمُطَهَّ
رِ زَيْدٍ تَعَنُّدَا ... ثُمَّ عَالَوْهُ فَوْقَ جِذْ
عٍ صَرِيعًا مُجَرَّدَا ... يَا خِرَاشُ بْنَ حَوْشَبٍ
أَنْتَ أَشْقَى الْوَرَى غَدَا
وَقِيلَ فِي أَمْرِ يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ زَيْدًا لَمَّا قُتِلَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ: إِنَّ أَهْلَ خُرَاسَانَ لَكُمْ شِيعَةٌ، وَالرَّأْيُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهَا. قَالَ: وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: تَتَوَارَى حَتَّى يَسْكُنَ [عَنْكَ] الطَّلَبُ ثُمَّ تَخْرُجَ.
فَوَارَاهُ عِنْدَهُ [لَيْلَةً] ، ثُمَّ خَافَ فَأَتَى بِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ قَرَابَةَ زَيْدٍ بِكَ قَرِيبَةٌ وَحَقَّهُ عَلَيْكَ وَاجِبٌ. قَالَ: أَجَلْ وَلَقَدْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْهُ أَقْرَبَ لِلتَّقْوَى. قَالَ: فَقَدْ قُتِلَ وَهَذَا ابْنُهُ غُلَامٌ حَدَثٌ لَا ذَنْبَ لَهُ، فَإِنْ عَلِمَ يُوسُفُ بِهِ قَتَلَهُ، أَفَتُجِيرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَتَاهُ بِهِ فَأَقَامَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا سَكَنَ الطَّلَبُ سَارَ فِي نَفَرٍ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ إِلَى خُرَاسَانَ. فَغَضِبَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بَعْدَ قَتْلِ زِيدٍ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، إِنَّ يَحْيَى بْنَ زَيْدٍ يَنْتَقِلُ فِي حِجَالِ نِسَائِكُمْ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَبُوهُ، وَاللَّهِ لَوْ بَدَا لِي (لَعَرَقْتُ خِصْيَيْهِ كَمَا عَرَقْتُ خِصْيَيْ أَبِيهِ) ! وَتَهَدَّدَهُمْ وَذَمَّهُمْ وَتُرِكَ.
ذَكْرُ قَتْلِ الْبَطَّالِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ الْبَطَّالُ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو الْحُسَيْنِ الْأَنْطَاكِيُّ، فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِبِلَادِ الرُّومِ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الْغَزَاةِ إِلَى الرُّومِ وَالْإِغَارَةِ عَلَى بِلَادِهِمْ، وَلَهُ عِنْدَهُمْ ذِكْرٌ عَظِيمٌ وَخَوْفٌ شَدِيدٌ.
حُكِيَ أَنَّهُ دَخَلَ بِلَادَهُمْ فِي بَعْضِ غَزَاتِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَدَخَلَ قَرْيَةً لَهُمْ لَيْلًا وَامْرَأَةٌ تَقُولُ لِصَغِيرٍ لَهَا يَبْكِي: تَسْكُتُ وَإِلَّا سَلَّمْتُكَ إِلَى الْبَطَّالِ! ثُمَّ رَفَعَتْهُ بِيَدِهَا وَقَالَتْ: خُذْهُ يَا بَطَّالُ! فَتَنَاوَلَهُ مِنْ يَدِهَا.
وَسَيَّرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعَ ابْنِهِ مَسْلَمَةَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، وَأَمَّرَهُ عَلَى رُؤَسَاءِ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ، وَأَمَرَ ابْنَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ وَطَلَائِعِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ ثِقَةٌ شُجَاعٌ مِقْدَامٌ، فَجَعَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute