مِنْهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ الْخَلَّالِ دَاعِيَتِهِمْ وَوَزِيرِهِمْ بِالْكُوفَةِ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ أَبَا مُسْلِمٍ وَيَأْمُرُهُ بِإِنْفَاذِهِ إِلَى خُرَاسَانَ. فَسَارَ إِلَيْهَا فَنَزَلَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ رَأَى رُؤْيَا قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى مُلْكِ خُرَاسَانَ فَظَهَرَ أَمْرُهَا، فَلَمَّا وَرَدَ نَيْسَابُورَ نَزَلَ بُونَابَاذَ، وَكَانَتْ عَامِرَةً، فَتَحَدَّثَ صَاحِبُ الْخَانِ الَّذِي نَزَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ بِذَلِكَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَلِي خُرَاسَانَ.
فَخَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَعَمَدَ بَعْضُ الْمُجَّانِ فَقَطَعَ ذَنَبَ حِمَارِهِ، فَلَمَّا عَادَ قَالَ لِصَاحِبِ الْخَانِ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِحِمَارِي؟ قَالَ: لَا أَدْرِي! قَالَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْمَحِلَّةِ؟ قَالَ: بُونَابَاذَ. قَالَ: إِنْ لَمْ أُصَيِّرْهَا كَنَدَابَاذَ فَلَسْتُ بِأَبِي مُسْلِمٍ. فَلَمَّا وَلِيَ خُرَاسَانَ أَخْرَبَهَا.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ بَلْجٍ وَابْنَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَوَفَاةِ بَلْجٍ وَوِلَايَةِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَلَامَةَ الْأَنْدَلُسَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ بِالْأَنْدَلُسِ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ بَيْنَ بَلْجٍ وَأُمَيَّةَ وَقَطَنِ ابْنَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَطَنٍ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّهُمَا لَمَّا هَرَبَا مِنْ قُرْطُبَةَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَمَّا قُتِلَ أَبُوهُمَا اسْتَنْجَدَا بِأَهْلِ الْبِلَادِ وَالْبَرْبَرِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُمَا جَمْعٌ كَثِيرٌ قِيلَ كَانُوا مِائَةَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَسَمِعَ بِهِمْ بَلْجٌ وَالَّذِينَ مَعَهُ فَسَارَ إِلَيْهِمْ، وَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَجُرِحَ بَلْجٌ جِرَاحَاتٍ، ثُمَّ ظَفِرَ بِابْنَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْبَرْبَرِ وَمَنْ مَعَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ فَأَكْثَرَ، وَعَادَ إِلَى قُرْطُبَةَ مُظَفَّرًا مَنْصُورًا، فَبَقِيَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَمَاتَ مِنَ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي فِيهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا.
فَلَمَّا مَاتَ قَدِمَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِمْ ثَعْلَبَةُ بْنُ سَلَامَةَ الْعِجْلِيُّ، لِأَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَهِدَ إِلَيْهِمْ: إِنْ حَدَثَ بِبَلْجٍ وَكُلْثُومٍ حَدَثٌ فَالْأَمِيرُ ثَعْلَبَةُ، فَقَامَ بِالْأَمْرِ، وَثَارَتْ فِي أَيَّامِهِ الْبَرْبَرُ بِنَاحِيَةِ مَارِدَةَ، فَغَزَاهُمْ فَقَتَلَ فِيهِمْ فَأَكْثَرَ وَأَسَرَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَأَتَى بِهِمْ إِلَى قُرْطُبَةَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا غَزَا سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ، فَلَقِيَ أَلْيُونَ مَلِكَ الرُّومِ فَغَنِمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute