للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْتُلْهُ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ هِشَامًا، فَكَتَبَ إِلَى خَالِدٍ يَلُومُهُ وَيَعْزِمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَأَخْرَجَهُ خَالِدٌ مِنَ الْحَبْسِ فِي وَثَاقِهِ، فَلَمَّا صَلَّى الْعِيدَ يَوْمَ الْأَضْحَى قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ: انْصَرِفُوا وَضَحُّوا يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْكُمْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُضَحِّيَ الْيَوْمَ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: مَا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى، وَلَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، تَعَالَى اللَّهِ عَمَّا يَقُولُ الْجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيرًا. ثُمَّ نَزَلَ وَذَبَحَهُ.

قِيلَ: إِنَّ غَيْلَانَ بْنَ يُونُسَ، وَقِيلَ ابْنَ مُسْلِمٍ، أَبَا مَرْوَانَ أَظْهَرَ الْقَوْلَ بِالْقَدَرِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَحْضَرَهُ عُمَرُ وَاسْتَتَابَهُ، فَتَابَ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْكَلَامِ فِيهِ أَيَّامَ هِشَامٍ، فَأَحْضَرَهُ مِنْ نَاصِرَةَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ.

قِيلَ: وَجَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى هِشَامٍ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ عِنْدِي صِلَةٌ، ثُمَّ قَالَ: إِيَّاكَ أَنْ يَغُرَّكَ أَحَدٌ فَيَقُولُ لَمْ يَعْرِفْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي عَرَفْتُكَ، أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ فَلَا تُقِيمَنَّ وَتُنْفِقُ مَا مَعَكَ، فَلَيْسَ لَكَ عِنْدِي صِلَةٌ، الْحَقْ بِأَهْلِكَ.

قَالَ مُجَمَّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيُّ: شَتَمَ هِشَامٌ رَجُلًا مِنَ الْأَشْرَافِ، فَوَبَّخَهُ الرَّجُلُ وَقَالَ: أَمَا تَسْتَحِي أَنْ تَشْتُمَنِي وَأَنْتَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ؟ فَاسْتَحْيَا مِنْهُ وَقَالَ: اقْتَصَّ مِنِّي. قَالَ: إِذًا أَنَا سَفِيهٌ مِثْلُكَ. قَالَ: فَخُذْ مِنِّي عِوَضًا مِنَ الْمَالِ. قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ. قَالَ: فَهَبْهَا لِلَّهِ. قَالَ: هِيَ لِلَّهِ ثُمَّ لَكَ. فَنَكَسَ هِشَامٌ رَأَسَهُ وَاسْتَحْيَا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أَبَدًا.

ذِكْرُ بَيْعَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

قِيلَ: وَكَانَتْ بَيْعَتُهُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنَ السَّنَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَقْدُ أَبِيهِ وِلَايَةَ الْعَهْدِ لَهُ بَعْدَ أَخِيهِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ الْوَلِيدُ حِينَ جُعِلَ وَلِيَّ عَهْدٍ بَعْدَ هِشَامٍ (ابْنَ) إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ عَاشَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَبَلَغَ الْوَلِيدُ خَمْسَ عَشْرَةَ (سَنَةً) ، فَكَانَ يَزِيدُ يَقُولُ: اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ جَعَلَ هِشَامًا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامٌ أَكْرَمَ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ حَتَّى ظَهَرَ مِنَ الْوَلِيدِ مُجُونٌ وَشُرْبُ الشَّرَابِ، وَكَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>