يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ إِلَى نَصْرٍ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ وَمَسِيرِ نَصْرٍ (وَتَبَاطُئِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْهَدَايَا، فَأَتَاهُ قَتْلُ الْوَلِيدِ، فَرَجَعَ نَصْرٌ) وَرَدَّ تِلْكَ الْهَدَايَا، وَأَعْتَقَ الرَّقِيقَ، وَقَسَّمَ حِسَانَ الْجَوَارِي فِي وَلَدِهِ وَخَاصَّتِهِ، وَقَسَّمَ تِلْكَ الْآنِيَةَ فِي عَوَامِّ النَّاسِ، وَوَجَّهَ الْعُمَّالَ وَأَمَرَهُمْ بِحُسْنِ السِّيرَةِ، وَاسْتَعْمَلَ مَنْصُورٌ أَخَاهُ مَنْظُورًا عَلَى الرَّيِّ وَخُرَاسَانَ، فَلَمْ يُمَكِّنْهُ نَصْرٌ مِنْ ذَلِكَ، وَحَفِظَ نَفْسَهُ وَالْبِلَادَ مِنْهُ وَمِنْ أَخِيهِ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعَامِلِهِمْ
لَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ كَانَ عَلَى الْيَمَامَةِ عَلِيُّ بْنُ الْمُهَاجِرِ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ الْمُهَيْرُ بْنُ سُلْمَى بْنُ هِلَالٍ، أَحَدُ بَنِي الدُّؤَلِ بْنِ حَنِيفَةَ: اتْرُكْ لَنَا بِلَادَنَا، فَأَبَى، فَجَمَعَ لَهُ الْمُهَيْرُ وَسَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي قَصْرِهِ بِقَاعِ هَجَرَ، فَالْتَقَوْا بِالْقَاعِ، فَانْهَزَمَ عَلِيٌّ حَتَّى دَخَلَ قَصْرَهُ، ثُمَّ هَرَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَتَلَ الْمُهَيْرُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَفْصٍ نَهَى ابْنَ الْمُهَاجِرِ عَنِ الْقِتَالِ، فَعَصَاهُ، فَقَالَ:
بَذَلْتُ نَصِيحَتِي لِبَنِي كِلَابٍ ... فَلَمْ تَقْبَلْ مُشَاوَرَتِي وَنُصْحِي
فِدًا لِبَنِي حَنِيفَةَ مَنْ سِوَاهُمْ ... فَإِنَّهُمُ فَوَارِسُ كُلِّ فَتْحِ
وَقَالَ شَقِيقُ بْنُ عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ:
إِذَا أَنْتَ سَالَمْتَ الْمُهَيْرَ وَرَهْطَهُ ... أَمِنْتَ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَالْخَوْفِ وَالذَّعَرْ
فَتًى رَاحَ يَوْمَ الْقَاعِ رَوْحَةَ مَاجِدٍ ... أَرَادَ بِهَا حُسْنَ السَّمَاعِ مَعَ الْأَجَرْ
وَهَذَا يَوْمُ الْقَاعِ.
وَتَأَمَّرَ الْمُهَيْرُ عَلَى الْيَمَامَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْيَمَامَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ النُّعْمَانِ أَحَدَ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّؤَلِ، فَاسْتَعْمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النُّعْمَانِ الْمُنْدَلِثَ بْنَ إِدْرِيسَ الْحَنَفِيَّ عَلَى الْفَلَجِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيلَ: هِيَ لَبَنِي تَمِيمٍ، فَجَمَعَ لَهُ بَنُو كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ وَمَعَهُمْ بَنُو عَقِيلٍ وَأَتَوُا الْفَلَجَ الْمُنْدَلِثَ وَقَاتَلَهُمْ، فَقُتِلَ الْمُنْدَلِثُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يُقْتَلْ مِنْ أَصْحَابِهِ بَنِي عَامِرٍ كَثِيرُ أَحَدٍ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ يَزِيدُ ابْنُ الطَّثْرِيَّةِ، وَهِيَ أُمُّهُ نُسِبَتْ إِلَى طَثْرِ بْنِ عَنْزِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute