للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الْيَوْمُ هُوَ يَوْمُ الْفَلَجِ الثَّانِي.

ثُمَّ إِنَّ بَنِي عَقِيلٍ وَقُشَيْرًا وَجَعْدَةَ وَنُمَيْرًا تَجَمَّعُوا وَعَلَيْهِمْ أَبُو سَهْلَةَ النُّمَيْرِيُّ، فَقَتَلُوا مَنْ لَقُوا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ بِمَعْدِنِ الصَّحْرَاءِ وَسَلَبُوا نِسَاءَهُمْ، وَكَفَّتْ بَنُو نُمَيْرٍ عَنِ النِّسَاءِ. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْوَازِعِ الْحَنَفِيَّ لَمَّا رَأَى مَا فَعَلَ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ النُّعْمَانِ يَوْمَ الْفَلَجِ الثَّانِي قَالَ: لَسْتُ بِدُونِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يُغِيرُ، وَهَذِهِ فَتْرَةٌ يُؤْمَنُ فِيهَا عُقُوبَةُ السُّلْطَانِ. فَجَمَعَ خَيْلَهُ وَأَتَى الشَّرِيفُ وَبَثَّ خَيْلَهُ، فَأَغَارَتْ وَأَغَارَ هُوَ، فَمُلِئَتْ يَدَاهُ مِنَ الْغَنَائِمِ وَأَقْبَلَ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَتَى النَّشَّاشَ، وَأَقْبَلَتْ بَنُو عَامِرٍ وَقَدْ حُشِدَتْ، فَلَمْ يَشْعُرْ عُمَرُ بْنُ الْوَازِعِ إِلَّا بِرُغَاءِ الْإِبِلِ، فَجَمَعَ النِّسَاءَ فِي فُسْطَاطٍ وَجَعَلَ عَلَيْهِنَّ حَرَسًا وَلَقِيَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَهُمْ فَانْهَزَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَهَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْوَازِعِ فَلَحِقَ بِالْيَمَامَةِ، وَتَسَاقَطَ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ خَلْقٌ كَثِيرٌ فِي الْقَلْبِ مِنَ الْعَطَشِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ، وَرَجَعَتْ بَنُو عَامِرٍ بِالْأَسْرَى وَالنِّسَاءِ، وَقَالَ الْقُحَيْفُ:

وَبِالنَّشَّاشِ يَوْمٌ طَارَ فِيهِ ... لَنَا ذِكْرٌ وَعُدَّ لَنَا فَعَالُ

وَقَالَ أَيْضًا:

فِدَاءٌ خَالَتِي لِبَنِي عَقِيلٍ ... وَكَعْبٍ حِينَ تَزْدَحِمُ الْجُدُودُ

هُمُ تُرِكُوا عَلَى النَّشَّاشِ صَرْعَى ... بِضَرْبٍ ثَمَّ أَهْوَنُهُ شَدِيدُ

وَكَفَّتْ قَيْسٌ يَوْمَ النَّشَّاشِ عَنِ السَّلَبِ، فَجَاءَتْ عُكْلٌ فَسَلَبَتْهُمْ، وَهَذَا يَوْمُ النَّشَّاشِ، وَلَمْ يَكُنْ لِحَنِيفَةَ بَعْدَهُ جَمْعٌ، غَيْرَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ الْحَنَفِيَّ جَمَعَ جَمْعًا وَأَغَارَ عَلَى مَاءٍ لِقُشَيْرٍ يُقَالُ لَهُ حَلَبَانُ، فَقَالَ الشَّاعِرُ:

لَقَدْ لَاقَتْ قُشَيْرٌ يَوْمَ لَاقَتْ ... عُبَيْدَ اللَّهِ إِحْدَى الْمُنْكَرَاتِ

لَقَدْ لَاقَتْ عَلَى حَلَبَانَ لَيْثًا ... هِزَبْرًا لَا يَنَامُ عَلَى التِّرَاتِ

وَأَغَارَ عَلَى عُكْلٍ فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ أَلْفًا.

ثُمَّ قَدِمَ الْمُثَنَّى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ وَالِيًا عَلَى الْيَمَامَةِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ حِينَ وَلِيَ الْعِرَاقَ لِمَرْوَانَ الْحِمَارِ، فَوَرَدَهَا وَهُمْ سِلْمٌ، فَلَمْ يَكُنْ حَرْبٌ، وَشَهِدَتْ بَنُو عَامِرٍ عَلَى بَنِي حَنِيفَةَ، فَتَعَصَّبَ لَهُمُ الْمُثَنَّى لِأَنَّهُ قَيْسِيٌّ أَيْضًا فَضَرَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>