عِدَّةً مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَحَلَقَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
فَإِنْ تَضْرِبُونَا بِالسِّيَاطِ فَإِنَّنَا ... ضَرَبْنَاكُمُ بِالْمُرْهَفَاتِ الصَّوَارِمِ
وَإِنْ تَحْلِقُوا مِنَّا الرُّءُوسَ فَإِنَّنَا ... قَطَعْنَا رُءُوسًا مِنْكُمُ بِالْغَلَاصِمِ
ثُمَّ سَكَنَتِ الْبِلَادُ وَلَمْ يَزَلْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَنَفِيُّ مُسْتَخْفِيًا حَتَّى قَدِمَ السَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ وَالِيًا عَلَى الْيَمَامَةِ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، فَدَلَّ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ نُوحُ بْنُ جَرِيرٍ الْخَطَفَى:
فَلَوْلَا السَّرِيُّ الْهَاشِمِيُّ وَسَيْفُهُ ... لَأَعَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ شَرًّا عَلَى عُكْلِ
ذِكْرُ عَزْلِ مَنْصُورٍ عَنِ الْعِرَاقِ وَوِلَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَنْصُورَ بْنَ جُمْهُورٍ عَنِ الْعِرَاقِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَ لَهُ لَمَّا وَلَّاهُ: سِرْ إِلَى الْعِرَاقِ فَإِنَّ أَهْلَهُ يَمِيلُونَ إِلَى أَبِيكَ. فَقَدِمَ إِلَى الْعِرَاقِ وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رُسُلًا إِلَى مَنْ بِالْعِرَاقِ مِنْ قُوَّادِ الشَّامِ، وَخَافَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إِلَيْهِ مَنْصُورٌ الْعَمَلَ. فَانْقَادَ لَهُ أَهْلُ الشَّامِ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِ مَنْصُورٌ الْعَمَلَ وَانْصَرَفَ إِلَى الشَّامِ، فَفَرَّقَ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَّالَ وَأَعْطَى النَّاسَ أَرْزَاقَهُمْ وَأَعْطِيَاتِهِمْ. فَنَازَعَهُ قُوَّادُ أَهْلُ الشَّامِ وَقَالُوا: تُقَسِّمُ عَلَى هَؤُلَاءِ فَيْئَنَا وَهُمْ عَدُوُّنَا؟ فَقَالَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَرُدَّ فَيْئَكُمْ عَلَيْكُمْ، وَعَلِمْتُ أَنَّكُمْ أَحَقُّ بِهِ فَنَازَعَنِي هَؤُلَاءِ. فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِالْجَبَّانَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الشَّامِ يَعْتَذِرُونَ، وَثَارَ غَوْغَاءُ النَّاسِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فَأُصِيبَ مِنْهُمْ رَهْطٌ لَمْ يُعْرَفُوا. وَاسْتَعْمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى شُرْطَتِهِ عُمَرَ بْنَ الْغَضْبَانِ الْقَبْعَثْرِيَّ، وَعَلَى خَرَاجِ السَّوَادِ وَالْمُحَاسَبَاتِ أَيْضًا.
ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ خُرَاسَانَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بِخُرَاسَانَ بَيْنَ النِّزَارِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ وَأَظْهَرَ الْكَرْمَانِيُّ الْخِلَافَ لِنَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ نَصْرًا رَأَى الْفِتْنَةَ قَدْ ثَارَتْ فَرَفَعَ حَاصِلَ بَيْتِ الْمَالِ، وَأَعْطَى النَّاسَ بَعْضَ أَعْطِيَاتِهِمْ وَرِقًا وَذَهَبًا مِنَ الْآنِيَةِ الَّتِي كَانَ اتَّخَذَهَا لِلْوَلِيدِ، فَطَلَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute