للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ مُعَاوِيَةَ مِنَ الْكُوفَةِ فَنَزَلَ الْمَدَائِنَ، فَأَتَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَخَرَجَ بِهِمْ فَغَلَبَ عَلَى حُلْوَانَ وَالْجِبَالِ وَهَمْدَانَ وَأَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ عَبِيدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَكَانَ شَاعِرًا مُجِيدًا، فَمِنْ قَوْلِهِ:

وَلَا تَرْكَبَنَّ الصَّنِيعَ الَّذِي ... تَلُومُ أَخَاكَ عَلَى مِثْلِهِ

وَلَا يُعْجِبَنَّكَ قَوْلُ امْرِئٍ ... يُخَالِفُ مَا قَالَ فِي فِعْلِهِ

ذِكْرُ رُجُوعِ الْحَارِثِ بْنِ السُّرَيْجِ إِلَى مَرْوَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ رَجَعَ الْحَارِثُ إِلَى مَرْوَ، وَكَانَ مُقِيمًا عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ مُدَّةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ عَوْدِهِ، وَكَانَ قُدُومُهُ مَرْوَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَلَقِيَهُ النَّاسُ بِكُشْمَيْهِنَ، فَلَمَّا لَقِيَهُمْ قَالَ: مَا قَرَّتْ عَيْنِي مُنْذُ خَرَجْتُ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَمَا قُرَّةُ عَيْنِي إِلَّا أَنْ يُطَاعَ اللَّهُ. وَلَقِيَهُ نَصْرٌ وَأَنْزَلَهُ وَأَجْرَى عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَكَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ، وَأَطْلَقَ نَصْرٌ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ نَصْرٌ أَنْ يُوَلِّيَهُ وَيُعْطِيَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَرْسَلَ إِلَى نَصْرٍ: إِنِّي لَسْتُ مِنَ الدُّنْيَا وَاللَّذَّاتِ فِي شَيْءٍ، إِنَّمَا أَسْأَلُكَ كِتَابَ اللَّهِ وَالْعَمَلَ بِالسُّنَّةِ، وَاسْتِعْمَالَ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَإِنْ فَعَلْتَ سَاعَدْتُكَ عَلَى عَدُوِّكَ.

وَأَرْسَلَ الْحَارِثُ إِلَى الْكَرْمَانِيِّ: إِنْ أَعْطَانِي نَصْرٌ الْعَمَلَ بِالْكِتَابِ وَمَا سَأَلْتُهُ عَضَّدْتُهُ وَقُمْتُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَعَنْتُكَ إِنْ ضَمِنْتَ لِيَ الْقِيَامَ بِالْعَدْلِ وَالسُّنَّةِ.

وَدَعَا بَنِي تَمِيمٍ إِلَى نَفْسِهِ، فَأَجَابَهُ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَقَالَ لِنَصْرٍ: إِنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً إِنْكَارًا لِلْجَوْرِ وَأَنْتَ تُرِيدُنِي عَلَيْهِ.

ذِكْرُ انْتِقَاضِ أَهْلِ حِمْصَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ انْتَقَضَ أَهْلُ حِمْصَ عَلَى مَرْوَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>