للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّيُوفَ وَيُجَاهِدُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ، وَمَنْ شَغَلَهُ مِنْهُمْ عَدُوُّهُمْ عَنِ الْوَقْتِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا بَعْدَ الْوَقْتِ.

ثُمَّ تَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ عِنْدِ أَبِي الْحَكَمِ، فَنَزَلَ قَرْيَةَ سَفِيذَنْجَ، فَنَزَلَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ الْخُزَاعِيِّ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَمَضَانَ، وَالْكَرْمَانِيُّ وَشَيْبَانُ يُقَاتِلَانِ نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ، فَبَثَّ أَبُو مُسْلِمٍ دُعَاتَهُ فِي النَّاسِ وَأَظْهَرَ أَمْرَهُ، فَأَتَاهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَهْلُ سِتِّينَ قَرْيَةً، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْخَمِيسِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ عَقَدَ اللِّوَاءَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ الْإِمَامُ الَّذِي يُدْعَى الظِّلَّ عَلَى رُمْحٍ طُولُهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا، وَعَقَدَ الرَّايَةَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ، وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى السَّحَابَ عَلَى رُمْحٍ طُولُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا، وَهُوَ يَتْلُو: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: ٣٩] ، وَلَبِسُوا السَّوَادَ هُوَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَإِخْوَةُ سُلَيْمَانَ وَمَوَالِيهِ وَمَنْ كَانَ أَجَابَ الدَّعْوَةَ مِنْ أَهْلِ سَفِيذَنْجَ، وَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ لِلَيْلَتِهِمْ لِشِيعَتِهِمْ مِنْ سُكَّانِ رَبْعِ خَرْقَانَ، وَكَانَتْ عَلَامَتُهُمْ، فَتَجَمَّعُوا إِلَيْهِ حِينَ أَصْبَحُوا مُغِدِّينَ، وَتَأَوُّلُ الظِّلِّ وَالسَّحَابِ أَنَّ السَّحَابَ يُطْبِقُ عَلَى الْأَرْضِ، وَأَنَّ الْأَرْضَ كَمَا لَا تَخْلُو مِنَ الظِّلِّ، كَذَلِكَ لَا تَخْلُو مِنْ خَلِيفَةٍ عَبَّاسِيٍّ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ.

وَقَدِمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ الدُّعَاةُ بِمَنْ أَجَابَ الدَّعْوَةَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ أَهْلَ التَّقَادُمِ مَعَ أَبِي الْوَضَّاحِ فِي تِسْعِمِائَةِ رَاجِلٍ وَأَرْبَعَةِ فُرْسَانَ، وَمِنْ أَهْلِ هُرْمُزْفَرَّه جَمَاعَةٌ وَقَدِمَ أَهْلُ التَّقَادُمِ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ مُحْرِزِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُوبَانِيِّ فِي أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ رَاجِلٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ فَارِسًا، فِيهِمْ مِنَ الدُّعَاةِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيُّ. فَجَعَلَ أَهْلُ التَّقَادُمِ يُكَبِّرُونَ مِنْ نَاحِيَتِهِمْ، وَيُجِيبُهُمْ أَهْلُ التَّقَادُمِ بِالتَّكْبِيرِ، فَدَخَلُوا عَسْكَرَ أَبِي مُسْلِمٍ بِسَفِيذَنْجَ بَعْدَ ظُهُورِهِ بِيَوْمَيْنِ. وَحَصَّنَ أَبُو مُسْلِمٍ حِصْنَ سَفِيذَنْجَ وَرَمَّهُ وَسَدَّ دُرُوبَهَا.

فَلَمَّا حَضَرَ عِيدُ الْفِطْرِ أَمَرَ أَبُو مُسْلِمٍ سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَبِالشِّيعَةِ، وَنَصَبَ لَهُ مِنْبَرًا بِالْعَسْكَرِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، وَكَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يَبْدَءُونَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَأَمَرَ أَبُو مُسْلِمٍ أَيْضًا سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ بِسِتِّ تَكْبِيرَاتٍ تِبَاعًا، ثُمَّ يَقْرَأُ وَيَرْكَعُ بِالسَّابِعَةِ، وَيُكَبِّرُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ تِبَاعًا، ثُمَّ يَقْرَأُ وَيَرْكَعُ بِالسَّادِسَةِ، وَيَفْتَحُ الْخُطْبَةَ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ يَخْتِمُهَا بِالْقُرْآنِ.

وَكَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يُكَبِّرُونَ فِي الْأُولَى أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ يَوْمَ الْعِيدِ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>