للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ لِلْعَبِيدِ جَمَاعَةٌ وَجَّهَهُمْ إِلَى مُوسَى بْنِ كَعْبٍ بِأَبِيوَرْدَ.

وَأَمَرَ أَبُو مُسْلِمٍ كَامِلَ بْنَ مُظَفَّرٍ أَنْ يَعْرِضَ الْجُنْدَ وَيَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَنِسْبَتَهُمْ إِلَى الْقُرَى، وَيَجْعَلَ ذَلِكَ فِي دَفْتَرٍ، فَبَلَغَتْ عِدَّتُهُمْ سَبْعَةَ آلَافِ رَجُلٍ.

ثُمَّ إِنَّ الْقَبَائِلَ مِنْ مُضَرَ وَرَبِيعَةَ وَالْيَمَنِ تَوَادَعُوا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ، وَأَنْ تَجْتَمِعَ كَلِمَتُهُمْ عَلَى [مُحَارَبَةِ] أَبِي مُسْلِمٍ. وَبَلَغَ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَبَرُ فَعَظُمَ عَلَيْهِ وَنَاظَرَ، فَإِذَا الْمَاخُوَانُ سَافِلَةُ الْمَاءِ، فَتَخَوَّفَ أَنْ يَقْطَعَ نَصْرٌ عَنْهُ الْمَاءَ فَتَحَوَّلَ إِلَى أَلْيَنَ، وَكَانَ مُقَامُهُ بِالْمَاخُوَانِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَنَزَلَ أَلْيَنَ وَخَنْدَقَ بِهَا.

وَعَسْكَرَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ عَلَى نَهْرِ عِيَاضٍ، وَجَعَلَ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو بِبَلَاشْجِرْدَ، وَأَبَا الذَّيَّالِ بِطُوسَانَ، فَأَنْزَلَ أَبُو الذَّيَّالِ جُنْدَهُ عَلَى أَهْلِهَا، وَكَانَ عَامَّةُ أَهْلِهَا مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ فِي الْخَنْدَقِ، فَآذَوْا أَهْلَ طُوسَانَ وَعَسَفُوهُمْ، وَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ أَبُو مُسْلِمٍ جُنْدًا، فَلَقُوا أَبَا الذَّيَّالِ فَهَزَمُوهُ وَأَسَرُوا مِنْ أَصْحَابِهِ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، فَكَسَاهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ وَدَاوَى جِرَاحَهُمْ وَأَطْلَقَهُمْ.

وَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِأَبِي مُسْلِمٍ مُعَسْكَرُهُ بِالْيَنِ أَمَرَ مُحْرِزَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَسِيرَ فِي جَمَاعَةٍ وَيُخَنْدِقَ بِجِيرَنْجَ، وَيَجْتَمِعَ عِنْدَهُ جَمْعٌ مِنَ الشِّيعَةِ لِيَقْطَعَ مَادَّةَ نَصْرٍ مِنْ مَرْوِ الرُّوذِ وَبَلْخٍ وَطَخَارِسْتَانَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ، فَقَطَعَ الْمَادَّةَ عَنْ نَصْرٍ.

ذِكْرُ غَلَبَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى فَارِسَ وَقَتْلِهِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَلَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَلَى فَارِسَ وَكُوَرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ظُهُورِهِ بِالْكُوفَةِ وَانْهِزَامِهِ وَخُرُوجِهِ مِنَ الْكُوفَةِ نَحْوَ الْمَدَائِنِ.

فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا أَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهَا، فَسَارَ إِلَى الْجِبَالِ وَغَلَبَ عَلَيْهَا وَعَلَى حُلْوَانَ وَقُومِسَ وَأَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ عَبِيدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَقَامَ بِأَصْبَهَانَ.

وَكَانَ مُحَارِبُ بْنُ مُوسَى مَوْلَى بَنِي يَشْكُرَ عَظِيمَ الْقَدْرِ بِفَارِسَ، فَجَاءَ إِلَى دَارِ الْإِمَارَةِ بِإِصْطَخْرَ فَطَرَدَ عَامِلَ ابْنِ عُمَرَ عَنْهَا، وَبَايَعَ النَّاسُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَخَرَجَ مُحَارِبٌ إِلَى كَرْمَانَ فَأَغَارَ عَلَيْهَا، وَانْضَمَّ إِلَى مُحَارِبٍ قُوَّادٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَسَارَ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>