للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَارَ نَصْرٌ إِلَى سَرْخَسَ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ، وَلَمَّا رَجَعَ أَبُو مُسْلِمٍ سَأَلَ مَنْ كَانَ أَرْسَلَهُ إِلَى نَصْرٍ: مَا الَّذِي ارْتَابَ بِهِ نَصْرٌ حَتَّى هَرَبَ؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: فَهَلْ تَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: تَلَا لَاهِزٌ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} [القصص: ٢٠] . قَالَ: هَذَا الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْهَرَبِ. ثُمَّ قَالَ: يَا لَاهِزُ تُدْغِلُ فِي الدِّينِ! ثُمَّ قَتَلَهُ.

وَاسْتَشَارَ أَبُو مُسْلِمٍ أَبَا طَلْحَةَ فِي أَصْحَابِ نَصْرٍ فَقَالَ: اجْعَلْ سَوْطَكَ السَّيْفَ وَسِجْنَكَ الْقَبْرَ. فَقَتَلَهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ، وَكَانَ عِدَّتُهُمْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا.

وَأَمَّا نَصْرٌ فَإِنَّهُ سَارَ مِنْ سَرْخَسَ إِلَى طُوسٍ فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَبِسَرْخَسَ يَوْمًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى نَيْسَابُورَ فَأَقَامَ بِهَا، وَدَخَلَ ابْنُ الْكَرْمَانِيِّ مَرْوَ مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ، وَتَابَعَهُ عَلَى رَأْيٍ وَعَاقَدَهُ عَلَيْهِ.

(يَحْيَى بْنُ حُضَيْنٍ: بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَآخِرُهُ نُونٌ) .

ذِكْرُ قَتْلِ شَيْبَانَ الْحَرُورِيِّ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ شَيْبَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرُورِيُّ.

وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَلِيُّ بْنُ الْكَرْمَانِيِّ مُجْتَمِعَيْنِ عَلَى قِتَالِ نَصْرٍ لِمُخَالَفَةِ شَيْبَانَ نَصْرًا لِأَنَّهُ مِنْ عُمَّالِ مَرْوَانَ، وَشَيْبَانُ يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ، وَمُخَالَفَةِ ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ نَصْرًا لِأَنَّ نَصْرًا قَتَلَ أَبَاهُ الْكَرْمَانِيَّ، وَأَنَّ نَصْرًا مُضَرِيٌّ وَابْنَ الْكَرْمَانِيِّ يَمَانِيٌّ، وَبَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ، فَلَمَّا صَالَحَ ابْنُ الْكَرْمَانِيِّ أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفَارَقَ شَيْبَانَ تَنَحَّى شَيْبَانُ عَنْ مَرْوَ إِذْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْوَى لِحَرْبِهِمَا، وَقَدْ هَرَبَ نَصْرٌ إِلَى سَرْخَسَ.

وَلَمَّا اسْتَقَامَ الْأَمْرُ لِأَبِي مُسْلِمٍ أَرْسَلَ إِلَى شَيْبَانَ يَدْعُوهُ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَ شَيْبَانُ: أَنَا أَدْعُوكَ إِلَى بَيْعَتِي. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ: إِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي أَمْرِنَا فَارْتَحِلْ عَنْ مَنْزِلِكَ الَّذِي أَنْتَ بِهِ. فَأَرْسَلَ شَيْبَانُ إِلَى ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ يَسْتَنْصِرُهُ، فَأَبَى، فَسَارَ شَيْبَانُ إِلَى سَرْخَسَ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ تِسْعَةً مِنَ الْأَزْدِ يَدْعُوهُ وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَكُفَّ، فَأَخَذَ الرُّسُلَ فَسَجَنَهُمْ. فَكَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى بَسَّامِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ بِأَبِيوَرْدَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى شَيْبَانَ فَيُقَاتِلَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ شَيْبَانُ وَاتَّبَعَهُ بِسَّامٌ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَقَتَلَ شَيْبَانَ وَعِدَّةً مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. فَقِيلَ لِأَبِي مُسْلِمٍ: إِنَّ بَسَّامًا ارْتَدَّ ثَانِيَةً، وَهُوَ يَقْتُلُ الْبَرِيءَ بِالسَّقِيمِ، فَاسْتَقْدَمَهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَسْكَرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>