وَقَدِمَ دَاوُدُ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ ابْنَيِ الْكَرْمَانِيِّ، فَبَعَثَ أَبُو مُسْلِمٍ عُثْمَانَ عَامِلًا عَلَى بَلْخٍ، فَلَمَّا قَدِمَهَا اسْتَخْلَفَ الْفَرَافِصَةَ بْنَ ظُهَيْرٍ الْعَبْسِيَّ عَلَى بَلْخٍ.
وَأَقْبَلَتِ الْمُضَرِيَّةُ مِنْ تِرْمِذَ عَلَيْهِمْ مُسْلِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَاهِلِيُّ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَأَصْحَابُ عُثْمَانَ (فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ عُثْمَانَ) ، وَغَلَبَ مُسْلِمٌ عَلَى بَلْخٍ، وَبَلَغَ عُثْمَانَ وَالنَّضْرَ بْنَ صُبَيْحٍ الْخَبَرُ وَهُمَا بِمَرْوِ الرُّوذِ، فَأَقْبَلَا نَحْوَهُمْ، فَهَرَبَ أَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ لَيْلَتِهِمْ، فَلَمْ يُمْعِنِ النَّضْرُ فِي طَلَبِهِمْ رَجَاءَ أَنْ يَفُوتُوا، وَلَقِيَهُمْ أَصْحَابُ عُثْمَانَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَلَمْ يَكُنِ النَّضْرُ مَعَهُمْ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ عُثْمَانَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَرَجَعَ أَبُو دَاوُدَ (مِنْ مَرْوَ إِلَى بَلْخٍ، وَسَارَ أَبُو مُسْلِمٍ وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الْكَرْمَانِيِّ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَاتَّفَقَ رَأْيُ أَبِي مُسْلِمٍ وَرَأْيُ أَبِي دَاوُدَ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلِيًّا، وَيَقْتُلَ أَبُو دَاوُدَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو دَاوُدَ) بَلْخًا بَعَثَ عُثْمَانَ عَامِلًا عَلَى الْجَبَلِ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ بَلْخٍ تَبِعَهُ أَبُو دَاوُدَ فَأَخَذَهُ وَأَصْحَابَهُ فَحَبَسَهُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ صَبْرًا، وَقَتَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلِيَّ بْنَ الْكَرْمَانِيِّ، وَقَدْ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ أَمَرَهُ أَنْ يُسَمِّيَ لَهُ خَاصَّتَهُ لِيُوَلِّيَهُمْ وَيَأْمُرَ لَهُمْ بِجَوَائِزَ وَكِسْوَاتٍ، فَسَمَّاهُمْ لَهُ، فَقَتَلَهُمْ جَمِيعًا.
ذِكْرُ قُدُومِ قَحْطَبَةَ مِنْ عِنْدِ الْإِمَامِ إِبْرَاهِيمَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ قَحْطَبَةُ بْنُ شَبِيبٍ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامِ، وَمَعَهُ لِوَاؤُهُ الَّذِي عَقَدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، فَوَجَّهَهُ أَبُو مُسْلِمٍ فِي مُقَدِّمَتِهِ، وَضَمَّ إِلَيْهِ الْجُيُوشَ، وَجَعَلَ إِلَيْهِ الْعَزْلَ وَالِاسْتِعْمَالَ، وَكَتَبَ إِلَى الْجُنُودِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُ.
ذِكْرُ مَسِيرِ قَحْطَبَةَ إِلَى نَيْسَابُورَ
لَمَّا قُتِلَ شَيْبَانُ الْخَارِجِيُّ وَابْنَا الْكَرْمَانِيِّ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهَرَبَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ مِنْ مَرْوَ، وَغَلَبَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ، بَعَثَ الْعُمَّالَ عَلَى الْبِلَادِ، فَاسْتَعْمَلَ سِبَاعَ بْنَ النُّعْمَانِ الْأَزْدِيَّ عَلَى سَمَرْقَنْدَ، وَأَبَا دَاوُدَ خَالِدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى طَخَارِسْتَانَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ عَلَى الطَّبَسَيْنِ، وَجَعَلَ مَالِكَ بْنَ الْهَيْثَمِ عَلَى شُرَطِهِ، وَوَجَّهَ قَحْطَبَةَ إِلَى طُوسٍ وَمَعَهُ عِدَّةٌ مِنَ الْقُوَّادِ، مِنْهُمْ: أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَزِيدَ، وَخَالِدُ بْنُ بَرْمَكَ، وَعُثْمَانُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute