نَهِيكٍ، وَخَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَغَيْرُهُمْ، فَلَقِيَ قَحْطَبَةُ مَنْ بِطُوسٍ فَهَزَمَهُمْ، وَكَانَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِي الزِّحَامِ أَكْثَرَ مِمَّنْ قُتِلَ، فَبَلَغَ عِدَّةُ الْقَتْلَى بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا.
وَوَجَّهَ أَبُو مُسْلِمٍ الْقَاسِمَ بْنَ مُجَاشِعٍ إِلَى نَيْسَابُورَ عَلَى طَرِيقِ الْمَحَجَّةِ، وَكَتَبَ إِلَى قَحْطَبَةَ يَأْمُرُهُ بِقِتَالِ تَمِيمِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ وَالنَّابِئِ بْنِ سُوَيْدٍ وَمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِمَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَكَانَ أَصْحَابُ شَيْبَانَ بْنِ سَلَمَةَ الْخَارِجِيِّ قَدْ لَحِقُوا بِنَصْرٍ، وَوَجَّهَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلِيَّ بْنَ مَعْقِلٍ فِي عَشَرَةِ آلَافِ رَجُلٍ إِلَى تَمِيمِ بْنِ نَصْرٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَ قَحْطَبَةَ، وَسَارَ قَحْطَبَةُ إِلَى السَّوْذَقَانِ، وَهُوَ مُعَسْكَرُ تَمِيمِ بْنِ نَصْرٍ وَالنَّابِئِ، وَقَدْ عَبَّأَ أَصْحَابَهُ وَزَحَفَ إِلَيْهِمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى الرِّضَاءِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، فَلَمْ يُجِيبُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ تَمِيمُ بْنُ نَصْرٍ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ وَاسْتُبِيحَ عَسْكَرُهُمْ، وَكَانَ عِدَّةُ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَهَرَبَ النَّابِئُ بْنُ سُوَيْدٍ فَتَحَصَّنَ بِالْمَدِينَةِ، فَحَصَرَهُ قَحْطَبَةُ وَنَقَبُوا سُورَهَا وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ، فَقَتَلُوا النَّابِئَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ بِنَيْسَابُورَ بِقَتْلِ ابْنِهِ.
وَلَمَّا اسْتَوْلَى قَحْطَبَةُ عَلَى عَسْكَرِهِمْ سَيَّرَ إِلَى خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ مَا قَبَضَ فِيهِ، وَسَارَ هُوَ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ فَهَرَبَ مِنْهَا فِيمَنْ مَعَهُ فَنَزَلَ قُومِسَ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، فَسَارَ إِلَى نَبَاتَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ بِجُرْجَانَ، وَقَدِمَ قَحْطَبَةُ نَيْسَابُورَ بِجُنُودِهِ فَأَقَامَ بِهَا رَمَضَانَ وَشَوَّالًا.
ذِكْرُ قَتْلِ نَبَاتَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ نَبَاتَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ عَامِلُ يَزِيدَ بْنِ هُبَيْرَةَ عَلَى جُرْجَانَ، وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ بَعَثَهُ إِلَى نَصْرٍ، فَأَتَى فَارِسَ وَأَصْبَهَانَ ثُمَّ سَارَ إِلَى الرَّيِّ وَمَضَى إِلَى جُرْجَانَ، وَكَانَ نَصْرٌ بِقُومِسَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ قُومِسَ لَا تَحْمِلُنَا، فَسَارَ إِلَى جُرْجَانَ فَنَزَلَهَا مَعَ نَبَاتَةَ وَخَنْدَقُوا عَلَيْهِمْ.
وَأَقْبَلَ قَحْطَبَةُ إِلَى جُرْجَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَالَ قَحْطَبَةُ: يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ أَتَدْرُونَ إِلَى مَنْ تَسِيرُونَ وَمَنْ تُقَاتِلُونَ؟ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بَقِيَّةَ قَوْمٍ حَرَّقُوا بَيْتَ اللَّهِ تَعَالَى! وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ عَلَى مُقَدِّمَةِ أَبِيهِ، فَوَجَّهَ جَمْعًا إِلَى مَسْلَحَةِ نَبَاتَةَ وَعَلَيْهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذُؤَيْبٌ، فَبَيَّتُوهُمْ فَقَتَلُوا ذُؤَيْبًا وَسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَرَجَعُوا إِلَى الْحَسَنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute