وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، يَكْتُمُ مَذْهَبَ الْخَوَارِجِ، فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو حَمْزَةَ الْمَدِينَةَ انْضَمَّ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْخَوَارِجُ قُتِلَ مَعَهُمْ.
ذِكْرُ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى
وَلَمَّا أَقَامَ ابْنُ عَطِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ شَهْرًا سَارَ نَحْوَ الْيَمَنِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ الْوَلِيدَ بْنَ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مَكَّةَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَقَصَدَ الْيَمَنَ، وَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَحْيَى طَالِبَ الْحَقِّ مَسِيرُهُ وَهُوَ بِصَنْعَاءَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ بِمَنْ مَعَهُ، فَالْتَقَى هُوَ وَابْنُ عَطِيَّةَ فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ ابْنُ يَحْيَى وَحُمِلَ رَأَسُهُ إِلَى مَرْوَانَ بِالشَّامِ، وَمَضَى ابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى صَنْعَاءَ.
ذِكْرُ قَتْلِ ابْنِ عَطِيَّةَ
وَلَمَّا سَارَ ابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى صَنْعَاءَ دَخَلَهَا وَأَقَامَ بِهَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ يَأْمُرُهُ أَنْ يُسْرِعَ إِلَيْهِ السَّيْرَ لِيَحُجَّ بِالنَّاسِ، فَسَارَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا بِعَهْدِ مَرْوَانَ عَلَى الْحَجِّ وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَسَارَ وَخَلَّفَ عَسْكَرَهُ وَخَيْلَهُ بِصَنْعَاءَ، وَنَزَلَ الْجُرْفَ، فَأَتَاهُ ابْنَا جُهَانَةَ الْمُرَادِيَّانِ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَقَالُوا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ: أَنْتُمْ لُصُوصٌ! فَأَخْرَجَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَهْدَهُ عَلَى الْحَجِّ وَقَالَ: هَذَا عَهْدُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحَجِّ، وَأَنَا ابْنُ عَطِيَّةَ. قَالُوا: هَذَا بَاطِلٌ، فَأَنْتُمْ لُصُوصٌ. فَقَاتَلَهُمُ ابْنُ عَطِيَّةَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى قُتِلَ.
ذِكْرُ إِيقَاعِ قَحْطَبَةَ بِأَهْلِ جُرْجَانَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ قَحْطَبَةُ بْنُ شَبِيبٍ مِنْ أَهْلِ جُرْجَانَ مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ أَلْفًا.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْهُمْ بَعْدَ قَتْلِ نَبَاتَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ دَخَلَ إِلَيْهِمْ وَاسْتَعْرَضَهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرْنَا، وَسَارَ نَصْرٌ، وَكَانَ بِقُومِسَ، حَتَّى نَزَلَ خُوَارَ الرَّيِّ، وَكَاتَبَ ابْنَ هُبَيْرَةَ يَسْتَمِدُّهُ، وَهُوَ بِوَاسِطَ، مَعَ نَاسٍ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: إِنِّي قَدْ كَذَبْتُ أَهْلَ خُرَاسَانَ حَتَّى مَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُصَدِّقُنِي، فَأَمِدَّنِي بِعَشَرَةِ آلَافٍ قَبْلَ أَنْ تُمِدَّنِي بِمِائَةِ أَلْفٍ لَا تُغْنِي شَيْئًا. فَحَبَسَ ابْنُ هُبَيْرَةَ رُسُلَ نَصْرٍ، فَأَرْسَلَ نَصْرٌ إِلَى مَرْوَانَ: إِنِّي وَجَّهْتُ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ لِيُعْلِمُوهُ أَمْرَ النَّاسِ قَبْلَنَا، وَسَأَلْتُهُ الْمَدَدَ فَاحْتَبَسَ رُسُلِي وَلَمْ يُمِدَّنِي بِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَنَا بِمَنْزِلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute