للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُرَاسَانَ وَهُمْ لَا يَعْصُونَنِي. فَسُرِّيَ عَنْهُ. وَبَايَعَ أَبُو مُسْلِمٍ وَالنَّاسُ، وَأَقْبَلَا حَتَّى قَدِمَا الْكُوفَةَ.

وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ هُوَ الَّذِي كَانَ تَقَدَّمَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَعَرَفَ الْخَبَرَ قَبْلَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: عَافَاكَ اللَّهُ وَمَتَّعَ بِكَ، إِنَّهُ أَتَانِي أَمْرٌ أَفْظَعَنِي وَبَلَغَ مِنِّي مَبْلَغًا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنِّي شَيْءٌ قَطُّ، وَفَاةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعَظِّمَ أَجْرَكَ وَيُحْسِنَ الْخِلَافَةَ عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أَحَدٌ أَشَدَّ تَعْظِيمًا لِحَقِّكَ وَأَصْفَى نَصِيحَةً [لَكَ] وَحِرْصًا عَلَى مَا يَسُرُّكَ مِنِّي. ثُمَّ مَكَثَ يَوْمَيْنِ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِبَيْعَتِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ تَرْهِيبَ أَبِي جَعْفَرٍ.

قَالَ: وَرَدَّ أَبُو جَعْفَرٍ زِيَادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ عَامِلًا عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَدِينَةِ لِلسَّفَّاحِ، وَقِيلَ: كَانَ قَدْ عَزَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَنْ مَكَّةَ، وَوَلَّاهَا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ الْعَبَّاسِ.

وَلَمَّا بَايَعَ عِيسَى بْنُ مُوسَى النَّاسَ لِأَبِي جَعْفَرٍ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ بِالشَّامِ يُخْبِرُهُ بِوَفَاةِ السَّفَّاحِ، وَبَيْعَةِ الْمَنْصُورِ وَيَأْمُرُهُ بِأَخْذِ الْبَيْعَةِ لِلْمَنْصُورِ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى السَّفَّاحِ فَجَعَلَهُ عَلَى الصَّائِفَةِ، وَسَيَّرَ مَعَهُ أَهْلَ الشَّامِ وَخُرَاسَانَ، فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ دُلُوكَ، وَلَمْ يُدْرِكْ، فَأَتَاهُ مَوْتُ السَّفَّاحِ، فَعَادَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُيُوشِ، وَقَدْ بَايَعَ لِنَفْسِهِ.

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِالْأَنْدَلُسِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ فِي الْأَنْدَلُسِ الْحُبَابُ بْنُ رَوَاحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ مِنَ الْيَمَانِيَّةِ، فَسَارَ إِلَى الصُّمَيْلِ وَهُوَ أَمِيرُ قُرْطُبَةَ، فَحَصَرَهُ بِهَا وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَاسْتَمَدَّ الصُّمَيْلُ يُوسُفَ الْفِهْرِيَّ أَمِيرَ الْأَنْدَلُسِ، فَلَمْ يَفْعَلْ لِتَوَالِي الْغَلَاءِ وَالْجُوعِ عَلَى الْأَنْدَلُسِ، وَلِأَنَّ يُوسُفَ قَدْ كَرِهَ الصُّمَيْلَ، وَاخْتَارَ هَلَاكَهُ لِيَسْتَرِيحَ مِنْهُ.

وَثَارَ بِهَا أَيْضًا عَامِرٌ الْعَبْدَرِيُّ وَجَمَعَ جَمْعًا، وَاجْتَمَعَ مَعَ الْحُبَابِ عَلَى الصُّمَيْلِ، وَقَامَا بِدَعْوَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>