ذِكْرُ دُخُولِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْأَنْدَلُسِ
قَدْ ذَكَرْنَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ فَتْحَ الْأَنْدَلُسِ، وَعَزْلَ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ عَنْهَا.
فَلَمَّا عُزِلَ عَنْهَا وَسَارَ إِلَى الشَّامِ اسْتُخْلِفَ عَلَيْهَا ابْنُهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ، وَضَبَطَهَا وَحَمَى ثُغُورَهَا، وَافْتَتَحَ فِي وِلَايَتِهِ مَدَائِنَ كَثِيرَةً، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلًا، وَبَقِيَ أَمِيرًا إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، فَقُتِلَ بِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ قَتْلِهِ.
فَلَمَّا قُتِلَ بَقِيَ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَا يَجْمَعُهُمْ وَالٍ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ اللَّخْمِيِّ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ، فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ لِصَلَاحِهِ، وَتَحَوَّلَ إِلَى قُرْطُبَةَ، وَجَعَلَهَا دَارَ إِمَارَةٍ فِي أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ.
ثُمَّ إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ اسْتَعْمَلَ بَعْدَهُ الْحُرَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيَّ، فَقَدِمَهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، فَأَقَامَ وَالِيًا عَلَيْهَا سَنَتَيْنِ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ.
فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخِلَافَةَ اسْتَعْمَلَ عَلَى الْأَنْدَلُسِ السَّمْحَ بْنَ مَالِكٍ الْخَوْلَانِيَّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُمَيِّزَ أَرْضَهَا، وَيُخْرِجَ مِنْهَا مَا كَانَ عَنْوَةً وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْخُمْسَ وَيَكْتُبَ إِلَيْهِ بِصِفَةِ الْأَنْدَلُسِ، وَكَانَ رَأْيُهُ إِقْفَالَ أَهْلِهَا مِنْهَا لِانْقِطَاعِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ. فَقَدِمَهَا السَّمْحُ سَنَةَ مِائَةٍ فِي رَمَضَانَ، وَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ عُمَرُ، وَقُتِلَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، وَكَانَ قَدْ بَدَا لِعُمَرَ فِي نَقْلِ أَهْلِهَا عَنْهَا وَتَرْكِهِمْ، وَدَعَا لِأَهْلِهَا.
ثُمَّ وَلِيَهَا بَعْدَ السَّمْحِ عَنْبَسَةُ بْنُ سُحَيْمٍ الْكَلْبِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ غَزْوَةِ الْإِفْرِنْجِ.
ثُمَّ وَلِيَهَا بَعْدَهُ يَحْيَى بْنُ سَلْمَى الْكَلْبِيُّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا وَالِيًا سَنَتَيْنِ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ دَخَلَ الْأَنْدَلُسَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْأَبْرَصِ الْأَشْجَعِيُّ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ فَبَقِيَ وَالِيًا عَلَيْهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ عُزِلَ.
ثُمَّ وَلِيَهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي نِسْعَةَ الْخَثْعَمِيُّ، فَقَدِمَهَا سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، (وَعُزِلَ آخِرَ سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَةٍ أَيْضًا، كَانَتْ وِلَايَتُهُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute