ثُمَّ وَلِيَهَا الْهَيْثَمُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنَانِيُّ، فَقَدِمَهَا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَةٍ) ، فَأَقَامَ وَالِيًا عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا ثُمَّ تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَقَدَّمَ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْجَعِيَّ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ شَهْرَيْنِ.
وَوَلِيَ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَاسْتُشْهِدَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ.
ثُمَّ وَلِيَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَطَنٍ الْفِهْرِيُّ، فَأَقَامَ عَلَيْهَا سَنَتَيْنِ وَعُزِلَ. ثُمَّ وَلِيَهَا بَعْدَهُ عُقْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّلُولِيُّ، دَخَلَهَا سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، فَوَلِيَهَا خَمْسَ سِنِينَ، وَثَارَ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ بِهِ فَخَلَعُوهُ فَوَلَّوْا بَعْدَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ قَطَنٍ، وَهِيَ وِلَايَتُهُ الثَّانِيَةُ، (وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ مُؤَرِّخِي الْأَنْدَلُسِ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فَوَلَّى أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ عَبْدَ الْمَلِكِ) .
ثُمَّ وَلِيَهَا بَلْجُ بْنُ بِشْرٍ الْقُشَيْرِيُّ، بَايَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَهَرَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَحِقَ بِدَارِهِ، وَهَرَبَ ابْنَاهُ قَطَنٌ وَأُمَيَّةُ فَلَحِقَ أَحَدُهُمَا بِمَارِدَةَ وَالْآخَرُ بِسَرَقُسْطَةَ، ثُمَّ ثَارَتِ الْيَمَنُ عَلَى بَلْجٍ وَسَأَلُوهُ قَتْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَطَنٍ، فَلَمَّا خَشِيَ فَسَادَهُمْ أَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ وَصُلِبَ، وَكَانَ عُمُرُهُ تِسْعِينَ سَنَةً.
فَلَمَّا بَلَغَ ابْنَيْهِ قَتْلُهُ حَشَدَا مِنْ مَارِدَةَ إِلَى أَرْبُونَةَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمَا مِائَةُ أَلْفٍ، وَزَحَفُوا إِلَى بَلْجٍ وَمَنْ مَعَهُ بِقُرْطُبَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَلْجٌ فَلَقِيَهُمْ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بِقُرْبِ قُرْطُبَةَ فَهَزَمَهُمَا، وَرَجَعَ إِلَى قُرْطُبَةَ فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ.
وَكَانَ سَبَبُ قُدُومِ بَلْجٍ الْأَنْدَلُسَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَمِّهِ كُلْثُومِ بْنِ عِيَاضٍ فِي وَقْعَةِ الْبَرْبَرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عَمُّهُ سَارَ إِلَى الْأَنْدَلُسِ، فَأَجَازَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَطَنٍ إِلَيْهَا، وَكَانَ سَبَبَ قَتْلِهِ.
ثُمَّ وَلَّى أَهْلُ الشَّامِ عَلَى الْأَنْدَلُسِ مَكَانَهُ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَلَامَةَ الْعَامِلِيَّ فَأَقَامَ إِلَى أَنْ قَدِمَ أَبُو الْخَطَّارِ وَالِيًا عَلَى الْأَنْدَلُسِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَدَانَ لَهُ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ، وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ ثَعْلَبَةُ، وَابْنُ أَبِي نِسْعَةَ، وَابْنَا عَبْدِ الْمَلِكِ، فَآمَنَهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ وَاسْتَقَامَ أَمْرُهُ، وَكَانَ شُجَاعًا ذَا رَأْيٍ وَكَرَمٍ.
وَكَثُرَ أَهْلُ الشَّامِ عِنْدَهُ، فَلَمْ تَحْمِلْهُمْ قُرْطُبَةَ، فَفَرَّقَهُمْ فِي الْبِلَادِ، فَأَنْزَلَ أَهْلَ دِمَشْقَ إِلْبِيرَةَ لِشَبَهِهَا بِهَا وَسَمَّاهَا دِمَشْقَ، وَأَنْزَلَ أَهْلَ حِمْصَ إِشْبِيلِيَّةَ، وَسَمَّاهَا حِمْصَ، وَأَنْزَلَ أَهْلَ قِنَّسْرِينَ بَجَيَّانَ، وَسَمَّاهَا قِنَّسْرِينَ، وَأَنْزَلَ أَهْلَ الْأُرْدُنِّ بِرَيَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute