للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطَّلِبِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِينَةِ فِيمَنْ أَطَاعَهُ، فَخَرَجَ هُوَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبُو عَقِيلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَأَبُو عِيسَى.

وَلَمَّا بَلَغَ مُحَمَّدًا قُرْبُ عِيسَى مِنَ الْمَدِينَةِ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِينَةِ أَوِ الْمُقَامِ بِهَا، فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ بِالْخُرُوجِ عَنْهَا، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ بِالْمُقَامِ بِهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ» "، فَأَقَامَ.

ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ فِي حَفْرِ خَنْدَقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ جَابِرُ بْنُ أَنَسٍ، رَئِيسُ سُلَيْمٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ أَخْوَالُكَ وَجِيرَانُكَ، وَفِينَا السِّلَاحُ وَالْكُرَاعُ، فَلَا تُخَنْدِقِ الْخَنْدَقَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَنْدَقَ خَنْدَقَهُ لِمَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَإِنْ خَنْدَقْتَهُ لَمْ يَحْسُنِ الْقِتَالُ رَجَّالَةً، وَلَمْ تُوَجَّهْ لَنَا الْخَيْلُ بَيْنَ الْأَزِقَّةِ، وَإِنَّ الَّذِينَ تُخَنْدِقُ دُونَهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَحُولُ الْخَنْدَقُ دُونَهُمْ.

فَقَالَ أَحَدُ بَنِي شُجَاعٍ: خَنْدِقْ، خَنْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْتَدِ بِهِ، وَتُرِيدُ أَنْتَ أَنْ تَدَعَ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَأْيِكَ! قَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا ابْنَ شُجَاعٍ مَا شَيْءٌ أَثْقَلَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَصْحَابِكَ مِنْ لِقَائِهِمْ، وَمَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ مُنَاجَزَتِهِمْ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّمَا اتَّبَعْنَا فِي الْخَنْدَقِ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَرُدَّنِي أَحَدٌ عَنْهُ فَلَسْتُ بِتَارِكِهِ. وَأَمَرَ بِهِ فَحُفِرَ، وَبَدَأَ هُوَ فَحَفَرَ بِنَفْسِهِ الْخَنْدَقَ الَّذِي حَفَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَحْزَابِ.

وَسَارَ عِيسَى حَتَّى نَزَلَ الْأَعْوَصَ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ جَمَعَ النَّاسَ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ، وَحَصَرَهُمْ فَلَا يَخْرُجُونَ.

وَخَطَبَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ قَدْ نَزَلَ الْأَعْوَصَ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْأَمْرِ لَأَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، أَلَا وَإِنَّا قَدْ جَمَعْنَاكُمْ وَأَخَذْنَا عَلَيْكُمُ الْمِيثَاقَ، وَعَدُوُّكُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَالنَّصْرُ مِنَ اللَّهِ وَالْأَمْرُ بِيَدِهِ، وَإِنَّهُ قَدْ بَدَا لِي أَنْ آذَنَ لَكُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُقِيمَ أَقَامَ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَظْعَنَ ظَعَنَ.

فَخَرَجَ عَالَمٌ كَثِيرٌ، وَخَرَجَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِذَرَارِيِّهِمْ وَأَهْلِيهِمْ إِلَى الْأَعْرَاضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>