أَرْحَامَكُمْ.
ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَأَمَرَ فَضُرِبَ مُوسَى وَابْنُهُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةِ سَوْطٍ، فَلَمْ يَتَأَوَّهُوا. فَقَالَ الْمَنْصُورُ: أَعْذَرْتُ أَهْلَ الْبَاطِلِ فِي صَبْرِهِمْ، فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ مُوسَى: أَهْلُ الْحَقِّ أَوْلَى بِالصَّبْرِ. ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ وَأَمَرَ بِهِمْ فَسُجِنُوا.
(خُبَيْبُ بْنُ ثَابِتٍ: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَةِ، وَبِبَائَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتِهَا) .
ذِكْرُ مَسِيرِ عِيسَى بْنِ مُوسَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَتْلِهِ
ثُمَّ إِنَّ الْمَنْصُورَ أَحْضَرَ ابْنَ أَخِيهِ عِيسَى بْنَ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْمَدِينَةِ لِقِتَالِ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ: شَاوِرْ عُمُومَتَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
ثُمَّ قَالَ: فَأَيْنَ قَوْلُ ابْنِ هَرْمَةَ:
تَرَوْنَ أَمْرَأً لَا يُمْحِضُ الْقَوْمَ سِرَّهُ ... وَلَا يَنْتَجِي الْأُذْنَيْنِ عَمَّا يُحَاوِلُ
إِذَا مَا أَتَى شَيْئًا مَضَى كَالَّذِي أَتَى ... وَإِنْ قَالَ إِنِّي فَاعِلٌ فَهْوَ فَاعِلُ.
فَقَالَ الْمَنْصُورُ: امْضِ أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَوَاللَّهِ مَا يُرَادُ غَيْرِي وَغَيْرُكَ، وَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَشْخَصَ أَنْتَ أَوْ أَشْخَصَ أَنَا. فَسَارَ وَسَيَّرَ مَعَهُ الْجُنُودَ.
وَقَالَ الْمَنْصُورُ لَمَّا سَارَ عِيسَى: لَا أُبَالِي أَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ. وَبَعَثَ مَعَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ، وَكَثِيرَ بْنَ حُصَيْنٍ الْعَبْدِيَّ، وَابْنَ قَحْطَبَةَ، وَهَزَارَ مَرَدَ وَغَيْرَهُمْ، وَقَالَ لَهُ حِينَ وَدَّعَهُ: يَا عِيسَى إِنِّي أَبْعَثُكَ إِلَى مَا بَيْنَ هَذَيْنِ، وَأَشَارَ إِلَى جَنْبَيْهِ، فَإِنْ ظَفِرْتَ بِالرَّجُلِ فَأَغْمِدْ سَيْفَكَ، وَابْذُلِ الْأَمَانَ، وَإِنْ تَغَيَّبَ فَضَمِّنْهُمْ إِيَّاهُ فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مَذَاهِبَهُ، وَمَنْ لَقِيَكَ مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِاسْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَلْقَكَ فَاقْبِضْ مَالَهُ.
وَكَانَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ تَغَيَّبَ عَنْهُ فَقَبَضَ مَالَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَنْصُورُ الْمَدِينَةَ قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ فِي مَعْنَى مَالِهِ، فَقَالَ: قَبَضَهُ مَهْدِيُّكُمْ.
فَلَمَّا وَصَلَ عِيسَى إِلَى فَيْدَ كَتَبَ إِلَى النَّاسِ فِي خِرَقِ حَرِيرٍ، مِنْهُمْ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ