للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ آخَرُ: قَدْ رَأَيْتُمْ هَذَا الْمَلِكَ الَمَاضِيَ فَلْيَتَّعِظْ بِهِ هَذَا الْمَلِكُ الْبَاقِي.

وَقَالَ آخَرُ: إِنَّ الَّذِي كَانَتِ الْآذَانُ تُنْصِتُ لَهُ قَدْ سَكَتَ فَلْيَتَكَلَّمِ الْآنَ كُلُّ سَاكِتٍ.

وَقَالَ آخَرُ: سَيَلْحَقُ بِكَ مَنْ سَرَّهُ مَوْتُكَ كَمَا لَحِقْتَ بِمَنْ سَرَّكَ مَوْتُهُ.

وَقَالَ آخَرُ: مَا لَكَ لَا تُقِلُّ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِكَ وَقَدْ كُنْتَ تَسْتَقِلُّ بِمُلْكِ الْأَرْضِ! بَلْ مَا لَكَ لَا تَرْغَبُ عَنْ ضِيقِ الْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ وَقَدْ كُنْتَ تَرْغَبُ عَنْ رُحْبِ الْبِلَادِ!

وَقَالَ آخَرُ: إِنَّ دُنْيَا يَكُونُ هَذَا فِي آخِرِهَا فَالزُّهْدُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِهَا.

وَقَالَ صَاحِبُ مَائِدَتِهِ: قَدْ فُرِشَتِ النَّمَارِقُ، وَنُضِّدَتِ النَّضَائِدُ، وَلَا أَرَى عَمِيدَ الْقَوْمِ. وَقَالَ صَاحِبُ بَيْتِ مَالِهِ: قَدْ كُنْتَ تَأْمُرُنِي بِالِادِّخَارِ فَإِلَى مَنْ أَدْفَعُ ذَخَائِرَكَ؟

وَقَالَ آخَرُ: هَذِهِ الدُّنْيَا الطَّوِيلَةُ الْعَرِيضَةُ قَدْ طَوَيْتَ مِنْهَا سَبْعَةَ أَشْبَارٍ وَلَوْ كُنْتَ بِذَلِكَ مُوقِنًا لَمْ تَحْمِلْ عَلَى نَفْسِكَ فِي الطَّلَبِ.

وَقَالَتْ زَوْجَتُهُ رُوشَنْكُ: مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ غَالِبَ دَارَا يُغْلَبُ، فَإِنَّ الْكَلَامَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْكُمْ فِيهِ شَمَاتَةٌ، فَقَدْ خَلَّفَ الْكَأْسَ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ لِيَشْرَبَهُ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَتْ أُمُّهُ حِينَ بَلَغَهَا مَوْتُهُ: لَئِنْ فَقَدْتُ مِنَ ابْنِي أَمْرَهُ لَمْ يُفْقَدْ مِنْ قَلْبِي ذِكْرُهُ.

فَهَذَا كَلَامُ الْحُكَمَاءِ فِيهِ مَوَاعِظُ وَحِكَمٌ حَسَنَةٌ فَلِهَذَا أُثْبِتُهَا.

وَمِنْ حِيَلِ الْإِسْكَنْدَرِ فِي حُرُوبِهِ أَنَّهُ لَمَّا حَارَبَ دَارَا خَرَجَ إِلَى بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ الْفُرْسِ، قَدْ عَلِمْتُمْ مَا كَتَبْتُمْ إِلَيْنَا وَمَا كَتَبْنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الْأَمَانِ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَلَى الْوَفَاءِ فَلْيَعْتَزِلْ فَإِنَّهُ يَرَى مِنَّا الْوَفَاءَ. فَاتَّهَمَتِ الْفُرْسُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَاضْطَرَبُوا.

وَمِنْ حِيَلِهِ أَنَّهُ تَلَقَّاهُ مَلِكُ الْهِنْدِ بِالْفِيَلَةِ، فَنَفَرَتْ خَيْلُ أَصْحَابِهِ عَنْهَا، فَعَادَ عَنْهُ وَأَمَرَ بِاتِّخَاذِ فِيَلَةٍ مِنْ نُحَاسٍ وَأَلْبَسَهَا السِّلَاحَ وَجَعَلَهَا مَعَ الْخَيْلِ حَتَّى أَلِفَتْهَا، ثُمَّ عَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>