الْبَصْرَةِ لِأَنَّهُ وُضِعَ بَعْدَ الْقَصْرِ. وَكَانَ الْقَصْرُ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ عَلَى الْقِبْلَةِ.
وَكَانَ اللَّبِنُ الَّذِي يُبْنَى بِهِ ذِرَاعًا فِي ذِرَاعٍ، وَوُزِنَ بَعْضُهَا لَمَّا نُقِضَ، وَكَانَ وَزْنُ لَبِنَةٍ مِنْهُ مِائَةَ رَطْلٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا، وَكَانَتْ مَقَاصِيرُ جَمَاعَةٍ مِنْ قُوَّادِ الْمَنْصُورِ وَكُتَّابِهِ تَشْرَعُ أَبْوَابُهَا إِلَى رَحْبَةِ الْجَامِعِ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الرُّكُوبِ مِنْ بَابِ الرَّحْبَةِ إِلَى الْقَصْرِ لِضَعْفِهِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، قَالَ: فَاحْسُبْنِي رَاوِيَةً، فَأَمَرَ النَّاسَ بِإِخْرَاجِ أَبْوَابِهِمْ مِنَ الرَّحْبَةِ إِلَى فُصْلَانِ الطَّاقَاتِ.
وَكَانَتِ الْأَسْوَاقُ فِي الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَسُولٌ لِمَلِكِ الرُّومِ، فَأَمَرَ الرَّبِيعَ فَطَافَ بِهِ فِي الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ بِنَاءً حَسَنًا إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ أَعْدَاءَكَ مَعَكَ وَهُمُ السُّوقَةُ. فَلَمَّا عَادَ الرَّسُولُ عَنْهُ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ إِلَى نَاحِيَةِ الْكَرْخِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَخْرَجَهُمْ لِأَنَّ الْغُرَبَاءَ يَطْرُقُونَهَا وَيَبِيتُونَ فِيهَا، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِمُ الْجَاسُوسُ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ كَانَ يَتْبَعُ مَنْ خَرَجَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، مُحْتَسِبُ بَغْدَاذَ، لَهُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ مَيْلٌ، فَجَمَعَ جَمَاعَةً مِنَ السَّفَلَةِ فَشَغَبُوا عَلَى الْمَنْصُورِ، فَسَكَّنَهُمْ وَأَخَذَ أَبَا زَكَرِيَّاءَ فَقَتَلَهُ، وَأَخْرَجَ الْأَسْوَاقَ، فَكُلِّمَ فِي بَقَّالٍ، فَأَمَرَ أَنْ يُجْعَلَ فِي كُلِّ رُبْعٍ بَقَّالٌ يَبِيعُ الْبَقْلَ وَالْخَلَّ حَسْبُ.
وَجُعِلَ الطَّرِيقُ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا.
وَكَانَ مِقْدَارُ النَّفَقَةِ عَلَى بِنَائِهَا وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَالْقَصْرِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْفُصْلَانِ وَالْخَنَادِقِ وَأَبْوَابِهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا.
وَكَانَ الْأُسْتَاذُ مِنَ الْبَنَّائِينَ يَعْمَلُ يَوْمَهُ بِقِيرَاطِ فِضَّةٍ، وَالرُّوزْكَارِيُّ بِحَبَّتَيْنِ، وَحَاسَبَ الْقُوَّادَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَأَلْزَمَ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَا بَقِيَ عِنْدَهُ فَأَخَذَهُ، حَتَّى إِنَّ خَالِدَ بْنَ الصَّلْتِ بَقِيَ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَحَبَسَهُ وَأَخَذَهَا مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute