للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَنِيفَةَ: أَرَاكَ سَكَتَّ يَا شَيْخُ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَبَاحُوكَ مَا لَا يَمْلِكُونَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَبَاحَتْ فَرْجَهَا بِغَيْرِ عَقْدِ نِكَاحٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ، أَكَانَ يَجُوزُ أَنْ تُوطَأَ؟ قَالَ: لَا! وَكَفَّ عَنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ وَأَمَرَ أَبَا حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ بِالْعَوْدِ إِلَى الْكُوفَةِ.

ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ

وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ عَلَى الْمَوْصِلِ خَالِدَ بْنَ بَرْمَكَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ انْتِشَارُ الْأَكْرَادِ بِوِلَايَتِهَا وَإِفْسَادُهُمْ، فَقَالَ: مَنْ لَهَا؟ فَقَالُوا: الْمُسَيَّبُ بْنُ زُهَيْرٍ، فَأَشَارَ عُمَارَةُ بْنُ غَمْرَةَ بِخَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، فَوَلَّاهُ وَسَيَّرَهُ إِلَيْهَا، وَأَحْسَنَ إِلَى النَّاسِ، وَقَهَرَ الْمُفْسِدِينَ وَكَفَّهُمْ، وَهَابَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ هَيْبَةً شَدِيدَةً مَعَ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ.

[وِلَادَةُ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى] وَفِيهَا وُلِدَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ الرَّشِيدُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ، فَأَرْضَعَتْهُ الْخَيْزُرَانُ أُمُّ الرَّشِيدِ بِلَبَنِ ابْنِهَا، فَكَانَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى أَخَا الرَّشِيدِ مِنَ الرَّضَاعَةِ.

وَلِذَلِكَ يَقُولُ سَلْمٌ الْخَاسِرُ:

أَصْبَحَ الْفَضْلُ وَالْخَلِيفَةُ هَارُو ... نُ رَضِيعَيْ لِبَانِ خَيْرِ النِّسَاءِ.

وَقَالَ أَبُو الْجَنُوبِ:

كَفَى لَكَ فَضْلًا أَنَّ أَفْضَلَ حُرَّةٍ ... غَذَّتْكَ بِثَدْيٍ وَالْخَلِيفَةَ وَاحِدِ.

ذِكْرُ وِلَايَةِ الْأَغْلَبِ بْنِ سَالِمٍ إِفْرِيقِيَّةَ

لَمَّا بَلَغَ الْمَنْصُورَ خُرُوجُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ بَعَثَ إِلَى الْأَغْلَبِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عِقَالِ بْنِ خَفَاجَةَ التَّمِيمِيِّ عَهْدًا بِوِلَايَةِ إِفْرِيقِيَّةَ.

وَكَانَ هَذَا الْأَغْلَبُ مِمَّنْ قَامَ مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَقَدِمَ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْعَهْدُ قَدِمَ الْقَيْرَوَانَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَأَخْرَجَ جَمَاعَةً مِنْ قُوَّادِ الْمُضَرِيَّةِ، وَسَكَنَ النَّاسُ.

وَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو قُرَّةَ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الْبَرْبَرِ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْأَغْلَبُ، فَهَرَبَ أَبُو قُرَّةَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَسَارَ الْأَغْلَبُ يُرِيدُ طَنْجَةَ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْجُنْدِ وَكَرِهُوا الْمَسِيرَ وَتَسَلَّلُوا عَنْهُ إِلَى الْقَيْرَوَانِ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>