الْمَطَرِيُّ فِي قَلْعَةِ زَعْوَاقَ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَحَصَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِيهَا، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَمَنَعَ أَهْلَ الْخِلَافِ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ.
وَكَانَ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى الْخِلَافِ غِيَاثُ بْنُ عَلْقَمَةَ اللَّخْمِيُّ، وَكَانَ بِمَدِينَةِ شَذُونَةَ، وَقَدِ انْضَافَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْقَبَائِلِ يُرِيدُونَ إِمْدَادَ الْمَطَرِيِّ، وَهُمْ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ.
فَلَمَّا سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ذَلِكَ سَيَّرَ إِلَيْهِمْ بَدْرًا مَوْلَاهُ فِي جَيْشٍ، فَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى الْمَطَرِيِّ، فَطَالَ الْحِصَارُ عَلَيْهِ وَقَلَّتْ رِجَالُهُ بِالْقَتْلِ، فَفَارَقَهُ بَعْضُهُمْ، فَخَرَجَ يَوْمًا مِنَ الْقَلْعَةِ وَقَاتَلَ وَقُتِلَ وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
فَقَدَّمَ أَهْلُ الْقَلْعَةِ عَلَيْهِمْ خَلِيفَةَ بْنَ مَرْوَانَ، فَدَامَ الْحِصَارُ عَلَيْهِمْ، فَأَرْسَلَ أَهْلُهَا يَطْلُبُونَ الْأَمَانَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِيُسَلِّمُوا إِلَيْهِ خَلِيفَةَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَآمَنَهُمْ، فَسَلَّمُوا إِلَيْهِ الْحِصْنَ وَخَلِيفَةَ، فَخَرَّبَ الْحِصْنَ وَقَتَلَ خَلِيفَةَ وَمَنْ مَعَهُ.
ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى غِيَاثٍ، وَكَانَ مُوَافِقًا لِلْمَطَرِيِّ عَلَى الْخِلَافِ، فَحَصَرَهُمْ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، فَطَلَبُوا الْأَمَانَ فَآمَنَهُمْ إِلَّا نَفَرًا كَانَ يَعْرِفُ كَرَاهَتَهُمْ لِدَوْلَتِهِ، فَإِنَّهُ قَبَضَ عَلَيْهِمْ، وَعَادَ إِلَى قُرْطُبَةَ، فَلَمَّا عَادَ إِلَيْهَا خَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُرَاشَةَ الْأَسَدِيُّ بِكُورَةِ جَيَّانَ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ جُمُوعٌ، فَأَغَارَ عَلَى قُرْطُبَةَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ جَيْشًا، فَتَفَرَّقَ جَمْعُهُ، فَطَلَبَ الْأَمَانَ، فَبَذَلَهُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَوَفَّى لَهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا عَسْكَرَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ بِدَابِقٍ وَلَمْ يَغْزُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، وَكَانَ وُلَاةُ الْأَمْصَارِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا مَاتَ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْأَعْمَشُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتِّينَ. وَفِيهَا مَاتَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، وَقَبْرُهُ بِالْمَدِينَةِ يُزَارُ، وَهُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ فِي قَبْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute