وَانْظُرْ هَذِهِ الْمَدِينَةَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْتَبْدِلَ بِهَا غَيْرَهَا، وَقَدْ جَمَعْتُ لَكَ فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا إِنْ كُسِرَ عَلَيْكَ الْخَرَاجُ عَشْرَ سِنِينَ كَفَاكَ لِأَرْزَاقِ الْجُنْدِ وَالنَّفَقَاتِ، وَالذُّرِّيَّةِ، وَمَصْلَحَةِ الْبُعُوثِ، فَاحْتَفِظْ بِهَا، فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ عَزِيزًا مَا دَامَ بَيْتُ مَالِكَ عَامِرًا، وَمَا أَظُنُّكَ تَفْعَلُ.
وَأُوصِيكَ بِأَهْلِ بَيْتِكَ أَنْ تُظْهِرَ كَرَامَتَهُمْ، وَتُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَتُقَدِّمَهُمْ، وَتُوطِئَ النَّاسَ أَعْقَابُهُمْ، وَتُوَلِّيَهُمُ الْمَنَابِرَ، فَإِنَّ عِزَّكَ عِزَّهُمْ، وَذِكْرَهُمْ لَكَ، وَمَا أَظُنُّكَ تَفْعَلُ.
وَانْظُرْ مَوَالِيَكَ فَأَحْسِنْ إِلَيْهِمْ، وَقَرِّبْهُمْ، وَاسْتَكْثِرْ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ مَادَّتُكَ لِشِدَّةٍ إِنْ نَزَلَتْ بِكَ، وَمَا أَظُنُّكَ تَفْعَلُ.
وَأُوصِيكَ بِأَهْلِ خُرَاسَانَ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَنْصَارُكَ وَشِيعَتُكَ الَّذِينَ بَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ فِي دَوْلَتِكَ، وَمَنْ لَا تَخْرُجُ مَحَبَّتُكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، أَنْ تُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَتَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَتُكَافِئَهُمْ عَمَّا كَانَ مِنْهُمْ، وَتَخْلُفَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَمَا أَظُنُّكَ تَفْعَلُ.
وَإِيَّاكَ أَنْ تَبْنِيَ مَدِينَةَ الشَّرْقِيَّةِ، فَإِنَّكَ لَا تُتِمُّ بِنَاءَهَا، وَأَظُنُّكَ سَتَفْعَلُ.
وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْتَعِينَ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَأَظُنُّكَ سَتَفْعَلُ.
وَإِيَّاكَ أَنْ تُدْخِلَ النِّسَاءَ فِي أَمْرِكَ، وَأَظُنُّكَ سَتَفْعَلُ.
وَقِيلَ: قَالَ لَهُ: إِنِّي وُلِدْتُ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَوُلِّيتُ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَقَدْ هَجَسَ فِي نَفْسِي أَنِّي أَمُوتُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَإِنَّمَا حَدَانِي عَلَى الْحَجِّ ذَلِكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أَعْهَدُ إِلَيْكَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدِي، يَجْعَلْ لَكَ فِيمَا كَرَبَكَ وَحَزَنَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَيَرْزُقْكَ السَّلَامَةَ وَحُسْنَ الْعَاقِبَةِ مِنْ حَيْثُ لَا تَحْتَسِبُ.
يَا بُنَيَّ احْفَظْ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُمَّتِهِ، يَحْفَظْكَ اللَّهُ (وَيَحْفَظْ) عَلَيْكَ أُمُورَكَ، وَإِيَّاكَ وَالدَّمَ وَالْحَرَامَ، فَإِنَّهُ حُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وَعَارٌ فِي الدُّنْيَا لَازِمٌ مُقِيمٌ، وَالْزَمِ الْحُدُودَ، فَإِنَّ فِيهَا خَلَاصَكَ فِي الْآجِلِ وَصَلَاحَكَ فِي الْعَاجِلِ، وَلَا تَعْتَدِ فِيهَا فَتَبُورَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ عَلِمَ أَنْ شَيْئًا أَصْلَحُ مِنْهَا لِدِينِهِ وَأَزْجَرُ عَنْ مَعَاصِيهِ لَأَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute