أَبَا جَعْفَرٍ هَلْ كَاهِنٌ أَوْ مُنَجِّمٌ ... لَكَ الْيَوْمَ مِنْ حَرِّ الْمَنِيَّةِ مَانِعُ.
فَأَحْضَرَ مُتَوَلِّيَ الْمَنَازِلِ، وَقَالَ لَهُ: أَلَمْ آمُرْكَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمَنَازِلَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا دَخَلَهَا أَحَدٌ مُنْذُ فُرِغَ [مِنْهَا] .
فَقَالَ: اقْرَأْ مَا فِي صَدْرِ الْبَيْتِ! فَقَالَ: مَا أَرَى شَيْئًا، فَأَحْضَرَ غَيْرَهُ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَأَمْلَى الْبَيْتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لِحَاجِبِهِ: اقْرَأْ آيَةً، فَقَرَأَ: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧] . فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ، وَرَحَلَ مِنَ الْمَنْزِلِ تَطَيُّرًا، فَسَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ، فَانْدَقَّ ظَهْرُهُ وَمَاتَ، فَدُفِنَ بِبِئْرِ مَيْمُونٍ. وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ.
ذِكْرُ صِفَةِ الْمَنْصُورِ وَأَوْلَادِهِ
كَانَ أَسْمَرَ نَحِيفًا، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ، وُلِدَ بِالْحُمَيْمَةِ مِنْ أَرْضِ الشَّرَاةِ، وَأَمَّا أَوْلَادُهُ فَالْمَهْدِيُّ مُحَمَّدٌ، وَجَعْفَرٌ الْأَكْبَرُ، وَأُمُّهُمَا أَرْوَى بِنْتُ مَنْصُورٍ أُخْتُ يَزِيدَ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ، وَكَانَتْ تُكَنَّى أُمَّ مُوسَى، وَمَاتَ جَعْفَرٌ قَبْلَ الْمَنْصُورِ.
وَمِنْهُمْ سُلَيْمَانُ، وَعِيسَى، وَيَعْقُوبُ، أُمُّهُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَجَعْفَرٌ الْأَصْغَرُ، أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، كُرْدِيَّةٌ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْكُرْدِيَّةِ، وَصَالِحٌ الْمِسْكِينُ، أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ رُومِيَّةٌ، وَالْقَاسِمُ، مَاتَ قَبْلَ الْمَنْصُورِ وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ، أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ تُعْرَفُ بِأُمِّ الْقَاسِمِ، وَلَهَا بِبَابِ الشَّامِ بُسْتَانٌ يُعْرَفُ بِبُسْتَانِ أُمِّ الْقَاسِمِ، وَالْعَالِيَةُ، أُمُّهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ.
ذِكْرُ بَعْضِ سِيرَةِ الْمَنْصُورِ
قَالَ سَلَّامٌ الْأَبْرَشُ: كُنْتُ أَخْدُمُ الْمَنْصُورَ دَاخِلًا [فِي مَنْزِلِهِ] ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute