للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَدَّدَهَا، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُعِينُنِي، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ أَيْسَرُ الْعَرَبِ، أَرْبَعَةُ مَغَازِلَ يَدُرْنَ فِي بَيْتِكَ.

قِيلَ: رُفِعَ غُلَامٌ لِأَبِي عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ لَهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَقَالَ: هَذَا مَالِي. قَالَ: مِنْ أَيْنَ يَكُونُ مَالُكَ، وَوَاللَّهِ مَا وَلَّيْتُكَ عَمَلًا قَطُّ، وَلَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَحِمٌ وَلَا قَرَابَةٌ! قَالَ: بَلَى! [كُنْتَ] تَزَوَّجْتَ امْرَأَةً لِعُيَيْنَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ، فَوَرَّثَتْكَ مَالًا، وَكَانَ قَدْ عَصَى بِالسِّنْدِ، [وَهُوَ وَالٍ عَلَى السِّنْدِ] ، وَأَخَذَ مَالِي فَهَذَا الْمَالُ مِنْ ذَاكَ.

وَقِيلَ لِجَعْفَرٍ الصَّادِقِ: إِنَّ الْمَنْصُورَ يُكْثِرُ مِنْ لُبْسِ جُبَّةٍ هَرَوِيَّةٍ، وَإِنَّهُ يُرَقِّعُ قَمِيصَهُ. فَقَالَ جَعْفَرٌ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَطَفَ بِهِ، حَتَّى ابْتَلَاهُ بِفَقْرِ نَفْسِهِ فِي مُلْكِهِ.

قِيلَ: وَكَانَ الْمَنْصُورُ إِذَا عَزَلَ عَامِلًا أَخَذَ مَالَهُ وَتَرَكَهُ فِي بَيْتِ مَالٍ مُفْرَدٍ سَمَّاهُ بَيْتَ مَالِ الْمَظَالِمِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ اسْمَ صَاحِبِهِ، وَقَالَ لِلْمَهْدِيِّ: قَدْ هَيَّأْتُ لَكَ شَيْئًا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَادْعُ مَنْ أَخَذْتَ مَالَهُ، فَارْدُدْهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّكَ تُسْتَحْمَدُ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ وَإِلَى الْعَامَّةِ، فَفَعَلَ الْمَهْدِيُّ ذَلِكَ.

وَلَهُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ.

قِيلَ: وَذَكَرَ زَيْدٌ مَوْلَى عِيسَى بْنِ نَهِيكٍ قَالَ: دَعَانِي الْمَنْصُورُ، بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَايَ، فَسَأَلَنِي: كَمْ خَلَّفَ مِنْ مَالٍ؟ قُلْتُ: أَلْفَ دِينَارٍ، وَأَنْفَقَتْهُ امْرَأَتُهُ فِي مَأْتَمِهِ. قَالَ: كَمْ خَلَّفَ مِنَ الْبَنَاتِ؟ قُلْتُ: سِتًّا، فَأَطْرَقَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: اغْدُ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَأَعْطَانِي مِائَةَ أَلْفٍ وَثَمَانِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثِينَ أَلْفًا. ثُمَّ دَعَانِي الْمَنْصُورُ فَقَالَ: عُدَّ عَلَيَّ بِأَكْفَائِهِنَّ حَتَّى أُزَوِّجَهُنَّ، فَفَعَلْتُ، فَزَوَّجَهُنَّ، وَأَمَرَ أَنْ تُحْمَلَ إِلَيْهِنَّ صَدُقَاتِهِنَّ مِنْ مَالِهِ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ بِمَالِهِنَّ ضِيَاعًا لَهُنَّ يَكُونُ مَعَاشُهُنَّ مِنْهَا.

قِيلَ: وَفَرَّقَ الْمَنْصُورُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، عَشَرَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَمَرَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَعْمَامِهِ مِنْهُمْ: سُلَيْمَانُ، وَعِيسَى، وَصَالِحٌ، وَإِسْمَاعِيلُ، لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِأَلْفِ أَلْفٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَصَلَ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>