للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَحَبَسَهُ فِي الْمُطْبِقِ، وَجَاءَ عَمْرُو بْنُ سَهْلَةَ الْأَشْعَرِيُّ، فَادَّعَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَتَلَ أَبَاهُ، وَحَاكَمَهُ عِنْدَ عَافِيَةَ الْقَاضِي، فَتَوَجَّهَ الْحُكْمُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ.

فَجَاءَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْعُقَيْلِيُّ إِلَى الْقَاضِي فَقَالَ: زَعَمَ عَمْرُو بْنُ سَهْلَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَتَلَ أَبَاهُ، وَكَذَبَ وَاللَّهِ، مَا قَتَلَ أَبَاهُ غَيْرِي، أَنَا قَتَلْتُهُ بِأَمْرِ مَرْوَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بَرِيءٌ مِنْ دَمِهِ، فَتُرِكَ عَبْدُ اللَّهِ، وَلَمْ يَعْرِضِ الْمَهْدِيُّ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ، لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِأَمْرِ مَرْوَانَ.

وَفِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ ثُمَامَةُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَنَزَلَ بِدَابِقَ.

وَجَاشَتِ الرُّومُ مَعَ مِيخَائِيلَ فِي ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَأَتَى عُمْقَ مَرْعَشَ، فَقَتَلَ، وَسَبَى، وَغَنِمَ، وَأَتَى مَرْعَشَ فَحَاصَرَهَا، فَقَاتَلَهُمْ، فَقَتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِدَّةً كَثِيرَةً. وَكَانَ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ مُرَابِطًا بِحِصْنِ مَرْعَشَ فَانْصَرَفَ الرُّومُ إِلَى جَيْحَانَ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْمَهْدِيَّ، فَعَظُمَ عَلَيْهِ، وَتَجَهَّزَ لِغَزْوِ الرُّومِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ صَائِفَةٌ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ.

وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِبِنَاءِ الْقُصُورِ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، أَوْسَعَ مِنَ الْقُصُورِ الَّتِي بَنَاهَا السَّفَّاحُ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى زُبَالَةَ، وَأَمَرَ بِاتِّخَاذِ الْمَصَانِعِ فِي كُلِّ مَنْهَلٍ مِنْهَا، وَبِتَجْدِيدِ الْأَمْيَالِ وَالْبِرَكِ، وَبِحَفْرِ الرَّكَايَا، وَوَلِيَ ذَلِكَ يَقْطِينُ بْنُ مُوسَى، وَأَمَرَ بِالزِّيَادَةِ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، وَتَقْصِيرِ الْمَنَابِرِ فِي الْبِلَادِ، وَجَعْلِهَا بِمِقْدَارِ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَوْمِ.

وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ بِتَوْجِيهِ الْأُمَنَاءِ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ، فَفَعَلَ فَكَانَ لَا يُنْفِذُ الْمَهْدِيُّ كِتَابًا إِلَى عَامِلٍ فَيَجُوزُ حَتَّى يَكْتُبَ يَعْقُوبُ إِلَى أَمِينِهِ بِإِنْفَاذِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>