للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَتَاهُ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مِنْ شِيعَتِهِمْ، وَعَظَّمَهُ، وَآثَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَمَالَ إِلَيْهِ إِدْرِيسُ، وَأَنْزَلَهُ عِنْدَهُ.

ثُمَّ إِنْ إِدْرِيسَ شَكَا إِلَيْهِ مَرَضًا فِي أَسْنَانِهِ، فَوَصَفَ لَهُ دَوَاءً، وَجَعَلَ فِيهِ سُمًّا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَأَخَذَهُ مِنْهُ، وَهَرَبَ الشَّمَّاخُ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ إِدْرِيسُ الدَّوَاءَ، فَمَاتَ مِنْهُ، فَوَلَّى الرَّشِيدُ الشَّمَّاخَ بَرِيدَ مِصْرَ.

وَلَمَّا مَاتَ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خَلَفَ مَكَانَهُ ابْنُهُ إِدْرِيسُ بْنُ إِدْرِيسَ وَأَعْقَبَ بِهَا، وَمَلَكُوهَا، وَنَازَعُوا بَنِي أُمَيَّةَ فِي إِمَارَةِ الْأَنْدَلُسِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَحُمِلَتِ الرُّءُوسَ إِلَى الْهَادِي، فَلَمَّا وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بَيْنَ يَدَيِ الْهَادِي قَالَ: كَأَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ بِرَأْسِ طَاغُوتٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ! إِنَّ أَقَلَّ مَا أَجْزِيكُمْ بِهِ أَنْ أَحْرِمَكُمْ جَوَائِزَكُمْ، فَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا.

وَكَانَ الْحُسَيْنُ شُجَاعًا، كَرِيمًا، قَدِمَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَفَرَّقَهَا فِي النَّاسِ بِبَغْدَاذَ وَالْكُوفَةِ، وَخَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ لَا يَمْلِكُ مَا يَلْبَسُهُ إِلَّا فَرْوًا لَيْسَ تَحْتَهُ قَمِيصٌ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

وَغَزَا الصَّائِفَةَ هَذِهِ السَّنَةَ مَعْيُوفُ بْنُ يَحْيَى مِنْ دَرْبِ الرَّاهِبِ، وَقَدْ كَانَتِ الرُّومُ قَبْلَ ذَلِكَ جَاءُوا مَعَ بِطْرِيقِهِمْ إِلَى الْحَدَثِ، فَهَرَبَ الْوَالِي وَأَهْلُ السُّوقِ، فَدَخَلَهَا الرُّومُ، فَقَصَدَهُمْ مَعْيُوفٌ فَبَلَغَ مَدِينَةَ أُشْنَةَ، فَغَنِمَ وَسَبَى.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>