الْقَيْنِ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ سِتَّمِائَةٍ، وَقِيلَ ثَلَاثَمِائَةٍ، فَاسْتَنْجَدَتِ الْقَيْنُ قُضَاعَةَ وَسَلِيحًا، فَلَمْ يُنْجِدُوهُمْ، فَاسْتَنْجَدَتْ قَيْسًا فَأَجَابُوهُمْ، وَسَارُوا مَعَهُمْ إِلَى الصَّوَالِيكِ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ، فَقَتَلُوا مِنَ الْيَمَانِيَّةِ ثَمَانِمِائَةٍ، وَكَثُرَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ فَالْتَقَوْا مَرَّاتٍ.
وَعُزِلَ عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ دِمَشْقَ، وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ، فَدَامَ ذَلِكَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ نَحْوَ سَنَتَيْنِ، وَالْتَقَوْا بِالْبَثْنِيَّةِ، فَقُتِلَ مِنَ الْيَمَانِيَّةِ نَحْوُ ثَمَانِمِائَةٍ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا بَعْدَ شَرٍّ طَوِيلٍ.
وَوَفَدَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى الرَّشِيدِ، وَكَانَ مَيْلُهُ مَعَ الْيَمَانِيَّةِ، فَوَقَعَ فِي قَيْسٍ عِنْدَ الرَّشِيدِ، فَاعْتَذَرَ عَنْهُمْ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بِشْرٍ النَّصْرِيُّ مِنْ بَنِي نَصْرٍ، فَقَبِلَ عُذْرَهُمْ، وَرَجَعُوا.
وَاسْتَخْلَفَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى دِمَشْقَ ابْنَهُ إِسْحَاقَ، وَكَانَ مَيْلُهُ أَيْضًا مَعَ الْيَمَانِيَّةِ، فَأَخَذَ جَمَاعَةً مِنْ قَيْسٍ، فَحَبَسَهُمْ، وَضَرَبَهُمْ وَحَلَقَ لِحَاهُمْ، فَنَفَرَ النَّاسُ، وَوَثَبَ غَسَّانُ بِرَجُلٍ مِنْ وَلَدِ قَيْسِ بْنِ الْعَبْسِيِّ فَقَتَلُوهُ، فَجَاءَ أَخُوهُ إِلَى نَاسٍ مِنَ الزَّوَاقِيلِ بِحَوْرَانَ، فَاسْتَنْجَدَهُمْ فَأَنْجَدُوهُ وَقَتَلُوا مِنَ الْيَمَانِيَّةِ نَفَرًا.
ثُمَّ ثَارَتِ الْيَمَانِيَّةُ بِكُلَيْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجُنَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِنْدَهُ ضَيْفٌ لَهُ، فَقَتَلُوهُ، فَجَاءَتْ أُمُّ الْغُلَامِ بِثِيَابِهِ إِلَى أَبِي الْهَيْذَامِ، فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: انْصَرِفِي حَتَّى نَنْظُرَ، فَإِنِّي لَا أَخْبِطَ خَبْطَ الْعَشْوَاءِ، حَتَّى يَأْتِيَ الْأَمِيرُ وَنَرْفَعَ إِلَيْهِ دِمَاءَنَا، فَإِنْ نَظَرَ فِيهَا وَإِلَّا فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُ فِيهَا.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِسْحَاقُ فَأَحْضَرَ أَبَا الْهَيْذَامِ، فَحَضَرَ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، ثُمَّ إِنَّ نَاسًا مِنَ الزَّوَاقِيلِ قَتَلُوا رُجَلًا مِنَ الْيَمَانِيَّةِ، وَقَتَلَتِ الْيَمَانِيَّةُ رُجَلًا مِنْ سُلَيْمٍ، وَنَهَبَتْ أَهْلَ تَلْفِياثَا، وَهُمْ جِيرَانُ مُحَارِبٍ، فَجَاءَتْ مُحَارِبٌ إِلَى أَبِي الْهَيْذَامِ، فَرَكِبَ مَعَهُمْ إِلَى إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ، فَوَعَدَهُمُ الْجَمِيلَ فَرَضِيَ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ أَرْسَلَ إِسْحَاقُ إِلَى الْيَمَانِيَّةِ يُغْرِيهِمْ بِأَبِي الْهَيْذَامِ، فَاجْتَمَعُوا، وَأَتَوْا أَبَا الْهَيْذَامِ مِنْ بَابِ الْجَابِيَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ، فَهَزَمَهُمْ، وَاسْتَوْلَى عَلَى دِمَشْقَ، وَأَخْرَجَ أَهْلَ السُّجُونِ عَامَّةً.
ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْيَمَانِيَّةِ اسْتَجْمَعَتْ، وَاسْتَنْجَدَتْ كَلْبًا وَغَيْرَهُمْ فَأَمَدُّوهُمْ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا الْهَيْذَامِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْمُضْرِيَّةِ، فَأَتَتْهُ الْأَمْدَادُ وَهُوَ يُقَاتِلُ الْيَمَانِيَّةَ عِنْدَ بَابِ تُومَا، فَانْهَزَمَتِ الْيَمَانِيَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute