اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَابِلَ يُقَالُ لَهُ جُودَرْسُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِمُ الشَّامَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ لِقَائِدٍ عَظِيمٍ مِنْ عَسْكَرِهِ اسْمُهُ نُبُوزَاذَانُ، وَهُوَ صَاحِبُ الْفِيلِ: إِنِّي كُنْتُ حَلَفْتُ لَئِنْ أَنَا ظَفِرْتُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ لَأَقْتُلَنَّهُمْ حَتَّى تَسِيلَ دِمَاؤُهُمْ فِي وَسَطِ عَسْكَرِي إِلَى أَنْ أَجِدَ مَنْ لَا أَقْتُلُهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ وَيَقْتُلَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ نُبُوزَاذَانُ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي يُقَرِّبُونَ فِيهَا قُرْبَانَهُمْ، فَوَجَدَ فِيهَا دَمًا يَغْلِي، فَقَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، مَا شَأْنُ هَذَا الدَّمِ يَغْلِي؟ فَقَالُوا: هَذَا دَمُ قُرْبَانٍ لَنَا لَمْ يُقْبَلْ فَلِذَلِكَ هُوَ يَغْلِي. فَقَالَ: مَا صَدَقْتُمُونِي الْخَبَرَ! فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ مِنَّا الْمُلْكُ وَالنُّبُوَّةُ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنَّا. فَذَبَحَ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ الدَّمِ سَبْعَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ رُءُوسِهِمْ، فَلَمْ يَهْدَأْ، فَأَمَرَ بِسَبْعِمِائَةٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَذُبِحُوا عَلَى الدَّمِ، فَلَمْ يَهْدَأْ. فَلَمَّا رَأَى الدَّمَ لَا يَبْرُدُ قَالَ لَهُمْ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اصْدُقُونِي وَاصْبِرُوا عَلَى أَمْرِ رَبِّكُمْ، فَقَدْ طَالَ مَا مَلَكْتُمْ فِي الْأَرْضِ تَفْعَلُونَ مَا شِئْتُمْ، قَبْلَ أَنْ لَا أَدَعَ مِنْكُمْ نَافِخَ نَارٍ أُنْثَى وَلَا ذَكَرًا إِلَّا قَتَلْتُهُ.
فَلَمَّا رَأَوُا الْجَهْدَ وَشِدَّةَ الْقَتْلِ صَدَقُوهُ الْخَبَرَ وَقَالُوا: هَذَا [دَمُ] نَبِيٍّ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يُسْخِطُ اللَّهَ، وَيُخْبِرُنَا بِخَبَرِكُمْ، فَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَقَتَلْنَاهُ فَهَذَا دَمُهُ. فَقَالَ: مَا كَانَ اسْمُهُ؟ قَالُوا: يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ. قَالَ: الْآنَ صَدَقْتُمُونِي، لِمِثْلِ هَذَا انْتَقَمَ رَبُّكُمْ مِنْكُمْ، وَخَرَّ سَاجِدًا، وَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: أَغْلِقُوا أَبْوَابَ الْمَدِينَةِ، وَأَخْرِجُوا مَنْ هَهُنَا مِنْ جَيْشِ جُودَرْسَ. فَفَعَلُوا، وَخَلَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ثُمَّ قَالَ لِلدَّمِ: يَا يَحْيَى، قَدْ عَلِمَ رَبِّي وَرَبُّكَ مَا قَدْ أَصَابَ قَوْمَكَ مِنْ أَجْلِكَ وَمَا قُتِلَ مِنْهُمْ، فَاهْدَأْ بِإِذْنِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ قَوْمِكَ أَحَدٌ. فَسَكَنَ الدَّمُ، وَرَفَعَ نُبُوزَاذَانُ الْقَتْلَ، وَقَالَ: آمَنْتُ بِمَا آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَصَدَّقْتُ بِهِ وَأَيْقَنْتُ أَنَّهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ. ثُمَّ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنَّ جُودَرْسَ أَمَرَنِي أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute