ذِكْرُ وِلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى خُرَاسَانَ.
وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ مَنْصُورَ بْنَ يَزِيدَ عَنْ خُرَاسَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ، فَوَلِيَهَا عَشْرَ سِنِينَ، وَفِي وِلَايَتِهِ خَرَجَ حَمْزَةُ بْنُ أَتُرْكَ الْخَارِجِيُّ أَيْضًا، فَجَاءَ إِلَى بُوشَنْجَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَمْرُوَيْهِ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ، وَكَانَ عَلَى هَرَاةَ، فِي سِتَّةِ آلَافٍ، فَقَاتَلَهُ، فَهَزَمَهُ حَمْزَةُ، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةً.
وَمَاتَ عَمْرُوَيْهِ فِي الزِّحَامِ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى ابْنَهُ الْحُسَيْنَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، فَلَمْ يُحَارِبْ حَمْزَةَ، فَعَزَلَهَ، وَسَيَّرَ عِوَضَهُ ابْنَهُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ فَقَاتَلَ حَمْزَةَ، فَهَزَمَهُ حَمْزَةُ، فَرَدَّهُ أَبُوهُ إِلَيْهِ أَيْضًا، فَقَاتَلَهُ بِبَاخَرْزَ، وَكَانَ حَمْزَةُ بِنَيْسَابُورَ، فَانْهَزَمَ حَمْزَةُ، وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ، وَبَقِيَ فِي أَرْبَعِينَ رُجَلًا، فَقَصَدَ قُهُسْتَانَ.
وَأَرْسَلَ عِيسَى أَصْحَابَهُ إِلَى أُوقَ وَجُوَيْنَ، فَقَتَلُوا مَنْ بِهَا مِنَ الْخَوَارِجِ، وَقَصَدَ الْقُرَى الَّتِي كَانَ أَهْلُهَا يُعِينُونَ حَمْزَةَ، فَأَحْرَقَهَا، وَقَتَلَ مَنْ فِيهَا، حَتَّى [وَصَلَ] إِلَى زَرَنْجَ، فَقَتَلَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَرَجَعَ، وَخَلَّفَ بِزَرَنْجَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ النَّسَفِيَّ، فَجَبَى الْأَمْوَالَ وَسَارَ بِهَا، فَلَقِيَهُ حَمْزَةُ بِأَسْفِزَارَ، فَقَاتَلَهُ، فَصَبَرَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الصُّغْدِ.
فَانْهَزَمَ حَمْزَةُ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَجُرِحَ فِي وَجْهِهِ، وَاخْتَفَى هُوَ وَمَنْ سَلِمَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الْكُرُومِ، ثُمَّ خَرَجَ وَسَارَ فِي الْقُرَى يَقْتُلُ، وَلَا يُبْقِي عَلَى أَحَدٍ.
وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى قَدِ اسْتَعْمَلَ طَاهِرَ بْنَ الْحُسَيْنِ عَلَى بُوشَنْجَ، فَسَارَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ، وَانْتَهَى إِلَى مَكْتَبٍ فِيهِ ثَلَاثُونَ غُلَامًا، فَقَتَلَهُمْ، وَقَتَلَ مُعَلِّمَهُمْ، وَبَلَغَ طَاهِرًا الْخَبَرُ، فَأَتَى قَرْيَةً فِيهَا قَعَدُ الْخَوَارِجِ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ، وَلَا دِيوَانَ لَهُمْ، فَقَتَلَهُمْ طَاهِرٌ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ.
وَكَانَ يَشُدُّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ فِي شَجَرَتَيْنِ، ثُمَّ يَجْمَعُهُمَا، ثُمَّ يُرْسِلُهُمَا، فَتَأْخُذُ كُلُّ شَجَرَةٍ نِصْفَهُ، فَكَتَبَ الْقَعَدُ إِلَى حَمْزَةَ بِالْكَفِّ، فَكَفَّ وَوَاعَدَهُمْ، وَأَمِنَ النَّاسُ مُدَّةً، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا سَارَ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ إِلَى الشَّامِ لِلْعَصَبِيَّةِ الَّتِي بِهَا، وَمَعَهُ الْقُوَّادُ وَالْعَسَاكِرُ وَالسِّلَاحُ وَالْأَمْوَالُ، فَسَكَّنَ الْفِتْنَةَ، وَأَطْفَأَ النَّائِرَةَ، وَعَادَ النَّاسُ إِلَى الْأَمْنِ وَالسُّكُونِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute