للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْرَقَتِ الزَّوَاقِيلُ مَا كَانَ التُّجَّارُ قَدْ جَمَعُوهُ مِنَ الْأَعْلَافِ، وَأَقْبَلَ نَصْرُ بْنُ شَبَثٍ الْعُقَيْلِيُّ، ثُمَّ حَمَلَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَصَبَرَ الْجُنْدُ لَهُمْ، وَكَانَ أَكْثَرُ الْقَتْلِ فِي الزَّوَاقِيلِ لِكَثِيرِ بْنِ قَادِرَةَ، وَأَبِي الْفِيلِ، وَدَاوُدَ بْنِ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْخُرَاسَانِيِّ، وَانْهَزَمَتِ الزَّوَاقِيلُ، وَكَانَ عَلَى حَامِيَتِهِمْ يَوْمَئِذٍ نَصْرُ بْنُ شَبَثٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السُّلَمِيُّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ زُفَرَ الْكِلَابِيُّ.

ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ بِالرَّقَّةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

ذِكْرُ خَلْعِ الْأَمِينِ وَالْمُبَايِعَةِ لِلْمَأْمُونِ وُعَوْدِ الْأَمِينِ إِلَى الْخِلَافَةِ

فَلَمَّا مَاتَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ نَادَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ فِي الْجُنْدِ، فَجَعَلَ الرَّجَّالَةَ فِي السُّفُنِ، وَسَارَ الْفُرْسَانُ عَلَى الظَّهْرِ فِي رَجَبٍ، فَلَمَّا قَدِمَ بَغْدَاذَ لَقِيَهُ الْقُوَّادُ وَأَهْلُ بَغْدَاذَ، وَعُمِلَتْ لَهُ الْقِبَابُ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ.

فَلَمَّا كَانَ جَوْفُ اللَّيْلِ بَعَثَ إِلَيْهِ الْأَمِينُ يَأْمُرُهُ بِالرُّكُوبِ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ: مَا أَنَا بِمُغَنٍّ، وَلَا مُسَامِرٍ، وَلَا مُضْحِكٍ، وَلَا وَلِيتُ لَهُ عَمَلًا وَلَا مَالًا، فَلِأَيِّ شَيْءٍ يُرِيدُنِي هَذِهِ السَّاعَةَ؟ انْصَرِفْ، فَإِذَا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَيْهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَأَصْبَحَ الْحُسَيْنُ، فَوَافَى بَابَ الْجِسْرِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَبْنَاءِ، إِنَّ خِلَافَةَ اللَّهِ لَا تُجَاوَرُ بِالْبَطَرِ، وَنِعْمَتَهُ لَا تُسْتَصْحَبُ بِالتَّجَبُّرِ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ أَنْ يُوقِعَ أَدْيَانَكُمْ، وَيَنْقُلَ عِزَّكُمْ إِلَى غَيْرِكُمْ، وَهُوَ صَاحِبُ الزَّوَاقِيلِ، وَبِاللَّهِ إِنْ طَالَتْ بِهِ مُدَّةٌ لَيَرْجِعَنَّ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ، فَاقْطَعُوا أَثَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ آثَارَكُمْ، وَضَعُوا عِزَّهُ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ عِزَّكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا يَنْصُرُهُ نَاصِرٌ مِنْكُمْ إِلَّا خُذِلَ، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِأَحَدٍ هَوَادَةٌ، وَلَا يُرَاقَبُ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِعُهُودِهِ، وَالْحِنْثِ بِأَيْمَانِهِ.

ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ بِعُبُورِ الْجِسْرِ فَعَبَرُوا، وَصَارُوا إِلَى سِكَّةِ بَابِ خُرَاسَانَ، وَتَسَرَّعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>