لِي وَتَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ أَنْ يُؤَخِّرَ أَجَلِي. فَلَمَّا نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِلدُّعَاءِ أَخَذَهُمُ النَّوْمُ حَتَّى مَا يَسْتَطِيعُونَ الدُّعَاءَ، فَجَعَلَ يُوقِظُهُمْ وَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَصْبِرُونَ لِي لَيْلَةً! قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي مَا لَنَا، لَقَدْ كُنَّا نَسْمَرُ فَنُكْثِرُ السَّمَرَ، وَمَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ، وَكُلَمَّا أَرَدْنَا الدُّعَاءَ حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. فَقَالَ: يُذْهَبُ بِالرَّاعِي وَيَتَفَرَّقُ الْغَنَمُ، وَجَعَلَ يَنْعَى نَفْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَيَكْفُرَنَّ بِي أَحَدُكُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَيَبِيعَنِّي أَحَدُكُمْ بِدَرَاهِمَ يَسِيرَةٍ وَلَيَأْكُلَنَّ ثَمَنِي.
فَخَرَجُوا وَتَفَرَّقُوا، وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَطْلُبُهُ، فَأَخَذُوا شَمْعُونَ، أَحَدَ الْحَوَارِيِّينَ، وَقَالُوا: هَذَا صَاحِبُهُ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَوْتِهِ قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَقِيلَ: رُفِعَ وَلَمْ يَمُتْ، وَقِيلَ: تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ وَقِيلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ، ثُمَّ أَحْيَاهُ وَرَفَعَهُ، وَلَمَّا رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ اللَّهُ لَهُ: انْزِلْ، فَلَمَّا قَالُوا لِشْمَعُونَ عَنِ الْمَسِيحِ جَحَدَ، وَقَالَ: مَا أَنَا بِصَاحِبِهِ! فَتَرَكُوهُ. فَعَلُوا ذَلِكَ ثَلَاثًا. فَلَمَّا سَمِعَ صِيَاحَ الدِّيكِ بَكَى وَأَحْزَنَهُ ذَلِكَ.
وَأَتَى أَحَدُ الْحَوَارِيِّينَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَسِيحِ، وَأَعْطَوْهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، فَأَتَى مَعَهُمْ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْمَسِيحُ، فَدَخَلَهُ، فَرَفَعَ اللَّهُ الْمَسِيحَ، وَأَلْقَى شَبَهَهُ عَلَى الَّذِي دَلَّهُمْ عَلَيْهِ، فَأَخَذُوهُ، وَأَوْثَقُوهُ، وَقَادُوهُ، وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ كُنْتَ تُحْيِي الْمَوْتَى، وَتَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا فَهَلَّا تُنْجِي نَفْسَكَ؟ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي أَدُلُّكُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُصْغُوا إِلَى قَوْلِهِ، وَوَصَلُوا بِهِ إِلَى الْخَشَبَةِ وَصَلَبُوهُ عَلَيْهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ الْيَهُودَ لَمَّا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ الْحَوَارِيُّ اتَّبَعُوهُ، وَأَخَذُوهُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لِيَصْلُبُوهُ، فَأَظْلَمَتِ الْأَرْضُ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ مَلَائِكَةً فَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَأَلْقَى شَبَهَ الْمَسِيحِ عَلَى الَّذِي دَلَّهُمْ عَلَيْهِ، فَأَخَذُوهُ لِيَصْلُبُوهُ، فَقَالَ: أَنَا الَّذِي دَلَّكُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ عَلَيْهَا. وَرَفَعَ اللَّهُ الْمَسِيحَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَوَفَّاهُ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute