حَالٌ لِتَفَقُّدِهِ حَالَهُمْ، وَأَخْذِهِ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ، وَغَادَى الْقِتَالَ وَرَاوَحَهُ، حَتَّى تَوَاكَلَ الْفَرِيقَانِ وَخَرِبَتِ الدِّيَارُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، وَدَعَا لِلْمَأْمُونِ بِالْخِلَافَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَوْسِمٍ دُعِيَ لَهُ فِيهِ بِالْخِلَافَةِ.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِإِفْرِيقِيَّةَ مَعَ أَهْلِ طَرَابُلُسَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ثَارَ أَبُو عِصَامٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَغْلَبِ أَمِيرِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَحَارَبَهُمْ إِبْرَاهِيمُ فَظَفِرَ بِهِمْ.
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ ابْنُ الْأَغْلَبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ عَلَى طَرَابُلُسِ الْغَرْبِ، فَلَمَّا قَدِمَ إِلَيْهَا ثَارَ عَلَيْهِ الْجُنْدُ فَحَصَرُوهُ فِي دَارِهِ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُمْ، فَخَرَجَ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَبْعُدْ عَنِ الْبَلَدِ حَتَّى اجْتَمَعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَوَضَعَ الْعَطَاءَ، فَأَتَاهُ الْبَرْبَرُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَكَانَ يُعْطِي الْفَارِسَ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَيُعْطِي الرَّاجِلَ فِي الْيَوْمِ دِرْهَمَيْنِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ عَدَدٌ كَثِيرٌ، فَزَحَفَ بِهِمْ إِلَى طَرَابُلُسَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْجُنْدُ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ جُنْدُ طَرَابُلُسَ، وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ وَأَمَّنَ النَّاسَ، وَأَقَامَ بِهَا.
ثُمَّ عَزَلَهُ أَبُوهُ، وَاسْتَعْمَلَ بَعْدَهُ سُفْيَانَ بْنَ الْمَضَاءِ، فَثَارَتْ هَوَّارَةُ بِطَرَابُلُسَ، فَخَرَجَ الْجُنْدُ إِلَيْهِمْ، وَالْتَقَوْا فَاقْتَتَلُوا، فَهُزِمَ الْجُنْدُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَتَبِعَهُمْ هَوَّارَةُ، فَخَرَجَ الْجُنْدُ هَارِبِينَ إِلَى الْأَمِيرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَغْلَبِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ فَهَدَمُوا أَسْوَارَهَا.
وَبَلَغَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَغْلَبِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهَا ابْنَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ عَبْدَ اللَّهِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute