خُزَيْمَةُ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ مِثْلُ هَذِهِ
إِذِ اضْطَرَبَتْ شَرْقُ الْبِلَادِ مَعَ الْغَرْبِ ... أَنَاخَ بِجِسْرَيْ دِجْلَةَ الْقَطْعَ وَالْقَنَا
شَوَارِعُ وَالْأَرْوَاحُ فِي رَاحَةِ الْعَضْبِ
وَهِيَ عِدَّةُ أَبْيَاتٍ.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَقَدَّمَ طَاهِرٌ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالْكَرْخِ، فَقَاتَلَ هُنَاكَ قِتَالًا شَدِيدًا، فَهَزَمَ النَّاسَ حَتَّى أَلْحَقَهُمْ بِالْكَرْخِ، وَقَاتَلَهُمْ فِيهِ فَهَزَمَهُمْ، فَمَرُّوا لَا يَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ، فَدَخَلَهَا طَاهِرٌ بِالسَّيْفِ، وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى: مَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَوَضَعَ بِسُوقِ الْكَرْخِ وَقَصْرِ الْوَضَّاحِ جُنْدًا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَقَصَدَ إِلَى مَدِينَةِ الْمَنْصُورِ وَأَحَاطَ بِهَا، وَبِقَصْرِ زُبَيْدَةَ، وَقَصْرِ الْخُلْدِ مِنْ بَابِ الْجِسْرِ إِلَى بَابِ خُرَاسَانَ، وَبَابِ الشَّامِ، وَبَابِ الْكُوفَةِ، وَبَابِ الْبَصْرَةِ، وَشَاطِئِ الصَّرَاةِ إِلَى مَصَبِّهَا فِي دِجْلَةَ.
وَثَبَتَ عَلَى قِتَالِ طَاهِرٍ حَاتِمُ بْنُ الصَّقْرِ وَالْهَرْشُ، وَالْأَفَارِقَةُ، فَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ بِإِزَاءِ قَصْرِ زُبَيْدَةَ، وَقَصْرِ الْخُلْدِ، وَأَخَذَ الْأَمِينُ أُمَّهُ وَأَوْلَادَهُ إِلَى مَدِينَةِ الْمَنْصُورِ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ عَامَّةُ جُنْدِهِ وَخِصْيَانِهِ وَجَوَارِيهِ فِي الطَّرِيقِ، لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَتَفَرَّقَ السِّفْلَةُ وَالْغَوْغَاءُ، وَتَحَصَّنَ مُحَمَّدٌ بِمَدِينَةِ الْمَنْصُورِ، وَحَصَرَهُ طَاهِرٌ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْأَبْوَابَ.
وَبَلَغَ خَبَرُ هَذِهِ الْوَقْعَةِ عُمَرَ الْوَرَّاقَ، فَقَالَ لِمُخْبِرِهِ: نَاوِلْنِي قَدَحًا. ثُمَّ تَمَثَّلَ:
خُذْهَا فَلِلْخَمْرَةِ أَسْمَاءٌ لَهَا دَوَاءٌ ... وَلَهَا دَاءُ يُصْلِحُهَا الْمَاءُ
إِذَا أُصْفِقَتْ يَوْمًا وَقَدْ يُفْسِدُهَا الْمَاءُ ... وَقَائِلٍ كَانَتْ لَهُمْ وَقْعَةٌ فِي يَوْمِنَا هَذَا وَأَشْيَاءُ
قَلْتُ لَهُ: أَنْتَ امْرُؤٌ جَاهِلٌ ... فِيكَ عَنِ الْخَيْرَاتِ إِبْطَاءُ
اشْرَبْ وَدَعْنَا مِنْ أَحَادِيثِهِمْ ... يَصْطَلِحُ النَّاسُ إِذَا شَاءُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute